بدت أسواق السلع الجزائرية بعد الساعات الأولى من استقالة عبد العزيز بوتفليقة من منصبه الرئاسي مستقرة، إذ لم تشهد اضطرابات أو اختناقات في بعض السلع، بسبب استقرار العرض.
كما تجاهلت أسواق الصرف استقالة بوتفليقة، إذ واصل الدينار تماسكه مقابل الدولار في التعاملات الرسمية في البنوك، أمس، إذ بلغ الدولار الواحد 119 ديناراً، واليورو 134 ديناراً، وهي نفس تعاملات بداية الأسبوع الجاري يوم الأحد 31 مارس/ آذار.
وقال رئيس جمعية التجار والحرفيين الجزائريين حاج الطاهر بلنوار إن "الأسواق اشتغلت بشكل طبيعي أمس، خاصة فيما يتعلق بالمواد واسعة الاستهلاك كالخضر والفواكه والمواد الغذائية".
وأضاف بلنوار لـ "العربي الجديد" أنه "منذ بداية الحراك وعملية تموين الأسواق ظلت مستقرة وكل يعمل ما بوسعه لعدم حدوث نقص في المعروض من مختلف السلع".
وبعيداً عن حال أسواق الصرف والسلع التي بدت مستقرة أمس، فإن الأزمات المعيشية وتدهور المؤشرات الاقتصادية كانت أحد الأسباب الرئيسية للحراك الشعبي المتواصل في الجزائر منذ نحو 6 أسابيع، ورغم نجاح الشارع في إجبار عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة، إلا أن الجزائريين في انتظار استجابة السلطات لقائمة أخرى من المطالب، على رأسها تحسين معيشتهم بما فيها الأجور، والحد من الفساد، وتقليل الفوارق الاجتماعية.
ولم تدعُ التحركات الشعبية الساخطة، وفق تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أمس، إلى رحيل الرئيس فقط بل أيضًا إلى رحيل خلفائه المحتملين الذين ساعدوا في دعم حكمه الذي دام 20 عامًا.
واندلعت التحركات في العاصمة الجزائر بعدما أعلن بوتفليقة أنه سيرشح نفسه لفترة ولاية خامسة، إذ يقول المتظاهرون إنهم سئموا الفساد والبطالة المرتفعة. ونمت الاحتجاجات لتشمل إضرابات العمال والمدرسين والطلاب، وكذلك إغلاق بعض المتاجر وتعليق خدمات القطارات.
وحسب بلومبيرغ، كان من الصعب هذه المرة تكرار سيناريو عام 2014، فقد استخدم بوتفليقة مزيجًا من خراطيم المياه، والإعانات الغذائية وزيادة الأجور لاحتواء احتجاجات أصغر ضد إعادة انتخابه، إذ إن المعونات باتت أكثر صعوبة هذه المرة، لأن الاقتصاد الجزائري ما زال يكافح للتغلب على أسعار النفط الخام المتراجعة منذ أربع سنوات.
وأدى انخفاض العائدات النفطية إلى نزيف في الاحتياطي النقدي الذي فقد أكثر من نصف قيمته خلال السنوات الأربع الأخيرة، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 67 مليار دولار هذا العام من 177 مليار دولار في عام 2014، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وبلغ العجز في ميزانية الجزائر ذروته عند 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، لكنه ضاق منذ ذلك الحين.
ولم يكتف المتظاهرون بالتنديد بظاهرة الفساد التي نخرت البلاد واقتصادها منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم سنة 1999، بل شملت مطالبات بتقليص الفوارق الاجتماعية وبتوزيع عادل للثروة وحل الأزمات المعيشية.
وخلال الفترة الممتدة بين 2016 و2018 عالج القضاء الجزائري أكثر من 2725 قضية متعلقة بالفساد الذي وصفه بـ"الخطير"، منها قضايا تتعلق بجرائم الرشوة والاختلاس ومنح امتيازات غير مبررة في الصفقات العمومية.
وتؤكد بيانات رسمية أن نسبة البطالة بلغت 11.6% نهاية العام الماضي 2018 رغم إيرادات البلاد من النفط والغاز، مشيرة إلى أن عدد العاطلين بلغ نحو 1.456 مليون شخص، بينما يشكك الكثير من المحللين الاقتصاديين في هذه الأرقام المتعلقة بالبطالة، مشيرين إلى أن الصعوبات الاقتصادية التي واجهتها الدولة في السنوات الخمس الماضية بفعل التراجع الحاد في إيرادات النفط تسببت في تباطؤ كثير من المشروعات وتراجع معدلات التشغيل.