أسماك نافقة

29 نوفمبر 2018
عبد الله بناطور/ الجزائر
+ الخط -

أوَّل لقاء 
في أوَّلِ لقاءٍ
أخبرتِني أنّي أُشْبِه ذئْباً قادِماً من غابة بعيدة
أعوي كلّما اكتمَل القمر
وأبكي كلّما لمَسَتْني يدٌ بشرية.


■ ■ ■


تمثال شارد
تَشردُ وأنت تخلط السكّر في قهوتك
من زجاج المقهى تنظر إلى الحياة
وهي تمضي أمامك، بينما
أنت ثابت في مكانك
كتمثالٍ غير مكتمل
تنقصه ذراعان ليتمدّد من نومه
وفمٌ ليمُطَّه ويتثاءب
ورِجلان كي ينهض بخُطىً متثاقلة
تُحدث ضجيجاً غير مُتوقع.


■ ■ ■


أسماك نافقة
تَعُضُّ على شَفتِها السُّفلى
بيْنما تصفُ طبقها المفضّل
الذي أكلَته ذات يوم ٍ
في مدينة ساحلية رفقة العائلة.

تُخبرني كيف أنّ الزمن يمضي
كقطار سريع غير آبه بالركاب.

تقُول أننا لا نتذكَّر من الطفولة
سِوى عفويتنا وشغفنا للاكتشاف.
وحين نكبر نُدرك أن العالم غيّرنا للأبد
ولم نعُد أولئك الأطفال الطيّبين.

كُسِرت أجنحتنا
وبدل أن نطير
صرنا نتخبّط في الوحل كأسماك تحتضر.


■ ■ ■


أشياء من حولك
انتبه دائماً إلى الأشياء من حولك
وأمعِن النظر.
كن دقيقاً وحاسماً كطلقة رصاص
اهتم بأبسط التفاصيل ولا تُغفلها
أظافرك التي طالت سريعاً
طريقة الناس في المشي
والندبة فوق شفتها العليا.

أخرِج دفترك الصغير من جيب سترتك
ودوِّن دون تفكير.

دخّن كثيراً
ومع كلّ نفس،
فكّر في مآسيك تِباعاً
خصوصاً تلك التي لم تُشفَ منها بعد.

اختلِ بنفسك في مكان ما
اختر جبلاً أو غابة موحشة
وافعَل ما يحلو لك
فلا يوجد بينك وبين الطبيعة حاجز
اخلع ثيابك، مارِس طقوسك الخاصة
اركض، اصرخ، اشتم، ثم تمدّد على الأرض
أو خاطب السماء إن شئت

لعلّها ستسمعك هذه المرة.


* شاعر من الجزائر، من مواليد مدينة بوسعادة سنة 1993

المساهمون