في غمرة انشغال العالم بتفشي فيروس كورونا، قفزت إلى واجهة المشهد السوري مرة أخرى مشكلة لا يبدو أن حلها سيكون قريباً، وهي مشكلة أسرى تنظيم "داعش" لدى "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، المدعومة من التحالف الدولي، عقب تمرّد قام به عدد منهم في سجن الحسكة المركزي في أقصى الشمال الشرقي من سورية مساء أول من أمس الأحد. ويضمّ المعتقل ثلاثة آلاف من مسلحي التنظيم، وهو واحد من عدة سجون تحتجز فيها "قوات سورية الديمقراطية" آلاف المعتقلين. وانتهى الأمر أمس الإثنين، وفقاً لما أفاد به المتحدث باسم "قسد"، كينو غابرييل، بقوله: "سيطرنا على أعمال شغب أطلقها مسلحون تابعون لتنظيم داعش"، مضيفاً: "وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لنا أنهت أعمال الشغب، وأمنت المنشأة وجميع السجناء في الداخل".
وأفادت مصادر مقرّبة من "قسد"، بأن التمرّد في السجن المعروف باسم "الصناعة"، الواقع في أطراف حي غويران بالمدينة، بدأ بتكسير كاميرات المراقبة داخل المهاجع ثم تحطيم الأبواب وصولاً إلى هدم أحد الجدران، ما مكّن مجموعة من المعتقلين من الفرار. وعلى الأثر، شهدت مدينة الحسكة استنفاراً من قوات التحالف الدولي و"قسد" التي نشرت دوريات وحواجز في مناطق سيطرتها في المدينة، كما قامت بتفتيش ومداهمة العديد من الأحياء.
من جانبه، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "قوات مكافحة الإرهاب" ضمن "قسد" تمكنت من السيطرة الكاملة على التمرد والعصيان اللذين نفذهما عناصر تنظيم "داعش" داخل سجن غويران. وشدد على أن هذه القوات ألقت القبض على العناصر الذين فروا من مهاجعهم إلى حرم السجن والبالغ عددهم 4 أشخاص، وذلك بمساعدة من طائرات التحالف التي حلقت في الأجواء، وسط فرض طوق أمني كبير في محيط السجن. وأوضح المرصد أن قوات "قسد" فكت أسر المساجين الذين اتخذهم عناصر التنظيم رهائن، تحت ذريعة تعاونهم مع إدارة السجن الذي يضم أكثر من 5 آلاف عنصر من جنسيات مختلفة. أما المركز الإعلامي لقوات "قسد" فذكر أمس الإثنين، أن "قوى الأمن الداخلي (الأسايش) ألقت القبض على أربعة عناصر من تنظيم داعش كانوا قد فروا، من سجن الصناعة بعد أعمال شغب وعصيان دامت لساعات". وقد كشفت مصادر محلية، أمس، أن فرقاً طبية دخلت السجن، في مؤشر إلى وجود إصابات بين المساجين.
وخلال العملية العسكرية التركية في منطقة شرقي نهر الفرات في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حاولت "قسد" استخدام ورقة أسرى التنظيم لديها للضغط على المجتمع الدولي للتدخل وإيقاف العملية التركية. وأشار القائد العام لـ"قسد" مظلوم عبدي في حينه إلى أن 12 ألف شخص من التنظيم محتجزون في سجون هذه القوات. وكانت فصائل المعارضة السورية أبدت استعدادها لتسلّم أسرى التنظيم في بداية العملية التركية، ولكن عبدي قال: "مسلحو داعش المعتقلون وعائلاتهم لدينا. نحن من ألقى القبض عليهم، ونحن من يحدد مصيرهم". ومن الواضح أن قوات "قسد" تحاول الاستفادة من وجود أسرى التنظيم لديها للحصول على مكاسب سياسية من المجتمع الدولي. ولم تكترث أنقرة لتهديد "قسد" بإطلاق سراح أسرى "داعش" لديها، ولكن الجانب الأميركي لم يسمح للجيش التركي بتطوير هجومه ليشمل المساحة التي يريد السيطرة عليها. وإضافة إلى مسلحي التنظيم، تحتجز قوات "قسد" عائلات أسرى "داعش" وعائلات قتلاه من نساء وأطفال في مخيم الهول في ريف الحسكة الجنوبي الشرقي، المعروف بـ "السجن الكبير"، ويشهد بشكل دائم محاولات تمرد من قبل قاطنيه.
وأفادت هذه القوات في أكتوبر الماضي بأن 785 أجنبياً من عناصر تنظيم "داعش"، تمكنوا من الفرار من مخيم عين عيسى بمحافظة الرقة شمال شرقي سورية حيث كانوا محتجزين. وفي اليوم التالي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن القوات التي يقودها الأكراد في شمال شرقي سورية، ربما تطلق سراح أسرى من التنظيم لحمل القوات الأميركية على العودة إلى المنطقة.