وتتلخص معاناة أهالي سيناء في شقَّين: الأول يتعلق بعمليات القصف الحربي والمدفعي، والاعتقالات الممنهجة والعشوائية للأهالي، والتعذيب، والثاني في عدم توفير الحد الأدنى من المعيشة الإنسانية. فعلى مدار الأسبوع الماضي، عانى أهالي مدينتَي الشيخ زويد ورفح من انقطاع الكهرباء والمياه بشكل كبير، الأمر الذي يستمر لساعات طويلة على مدار اليوم من دون تدخل إدارة المحافظة لإصلاح الأمر.
ومن فصول المعاناة الشديدة، يقبع الأهالي المهجرّون قسرياً من مناطق حدودية في مدينة رفح المصرية، في أماكن غير صالحة للسكن في مدينة العريش. وبحسب مصادر قبلية تحدّثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ عائلة بأكملها قد تقطن في غرفة واحدة بأحد منازل أقاربها، أو تبني منزلاً من غرفة واحدة على قطعة أرض من دون سقف لحمايتها من الأمطار وبرودة الجو، بعد التهجير القسري.
وتقول هذه المصادر إنّ الجيش يتّبع سياسة عقابية ضد الأهالي للضغط عليهم لمساعدته في حربه ضد المسلحين، في حين أنّ معظمهم اتخذوا موقفاً محايداً من الأزمة والصراع القائم لاتّقاء شرّ تنظيم "ولاية سيناء" أو كرد فعل على ما يتعرض له المدنيون من قبل الجيش والقوى الأمنية عموماً. وتضيف أنّ أزمة الكهرباء والمياه وشبكات الاتصالات وخدمة الإنترنت مقطوعة عمداً عن مدينتَي الشيخ زويد ورفح من دون معرفة السبب، كما لم يتحرك أحد من المحافظة لحل الأزمة، وفقاً للمصادر ذاتها.
وتشير إلى أن الدولة تدفع الأهالي إلى تخاذ موقف عدائي من الجيش، في ضوء التضييقات التي تنفذها القوات المصرية المشتركة بحق المدنيين، وما يصاحب ذلك من انتهاكات شديدة.
وتلفت المصادر القبلية إلى أن المئات من الأسر باتت لا تجد قوت يومها، في ظل أوضاع معيشية سيئة للغاية في ضوء العمليات التي ينفذها الجيش. وتطوّر الأمر إلى أن أصبح الأهالي مهددين بالقتل أو الاعتقال في أي وقت. وتضيف أنّ الطائرات من دون طيار لا تتوقف عن التحليق في سماء سيناء، وتحديداً في مدينتَي الشيخ زويد ورفح، والتي يعتقد أنها إسرائيلية. وتوضح أن هذا النوع من الطائرات لا يظهر يومياً.
اقرأ أيضاً: حملة عسكرية للجيش المصري في رفح واشتباكات مع مسلحين
ميدانياً، قتل اثنان من أهالي سيناء في قصف جوي لطائرة من دون طيار، مساء الأربعاء الماضي. وعاودت تلك الطائرات إلى التحليق، الخميس الماضي. وهذه ليست المرة الأولى التي تقصف فيها طائرات من دون طيار أهدافاً ثابتة ومتحركة في سيناء. سُجّلت أولى تلك الوقائع، حين قصفت طائرة من دون طيار أحد العناصر المسلحة، يدعى إبراهيم عويضة. وتكررت وقائع تدخل الطائرات من دون طيار في أكثر من مرة لقصف أهداف ثم الاختفاء من أجواء سيناء. ويعلن تنظيم "ولاية سيناء" بين الحين والآخر، قتل من يصفهم بـ"الجواسيس"، أو من "المتعاونين مع الموساد الإسرائيلي".
كما عاود الجيش المصري اتباع سياسة القصف الجوي العشوائي على أهداف في مدينتَي الشيخ زويد ورفح، مخلّفاً إصابات في صفوف الأهالي. وشنّ سلاح الجو المصري غارات ونفذ قصفاً عنيفاً على أهداف غير محددة، حتى الخميس الماضي، من دون وقوع قتلى من الأهالي. بيْد أن المتحدث الرسمي العسكري العميد محمد سمير، تحدث عن سقوط قتلى بين المسلحين.
كما بدأت قوات الجيش تنفيذ حملات عسكرية على الشيخ زويد ورفح، والتي تؤكد القوات المسلحة أن تلك المناطق تمثّل مركز ثقل التنظيم المسلح المعروف بـ"ولاية سيناء"، المبايع لتنظيم "داعش". وكان الجيش توقف قبل نحو شهرين عن تنفيذ حملات على مناطق في الشيخ زويد ورفح، والاكتفاء بتأمين مدينة العريش. لكن تمدد "ولاية سيناء" إلى قلب العريش أجبر قيادات الجيش على تنفيذ عمليات جديدة، لتخفيف ضغط العمليات على القوات داخل المدينة.
ولم تعتمد حملات الجيش قبل أسبوعين في مناطق بالشيخ زويد ورفح، بشكل كبير، على الدبابات والمدرعات في التحرك وسط الصحراء، والمداهمة بقوات المشاة، خوفاً من العبوات الناسفة. في المقابل، نجح التنظيم، مراراً، في استهداف قوات الجيش من المشاة، بل وقصف أكمنة محكمة عدة لهم خلال الأسبوعين الماضيين.
اقرأ أيضاً: السيسي يستعجل إنهاء صراعات الأجهزة المصرية حول ليبيا وسيناء