أسبوعية le 1: نظام الجزائر عسكري خفي

10 يوليو 2015
عرضت الأسبوعية حال الجزائر على مختلف الأصعدة (Getty)
+ الخط -
بمناسبة العيد الوطني الجزائري، أفردت أسبوعية Le 1 الفرنسية التي يرأس تحريرها اريك فوتورينو، صفحات عددها الـ63 للحديث عن الجزائر ثقافة واقتصادا وسياسة. العدد الذي حمل عنوان "الجزائر وأشباحها" جاء بمثابة تعريف بهذا البلد وما يعانيه من مشاكل تفاقمت منذ تسعينيات القرن الماضي.

في افتتاحية العدد، استذكر لويس شوفالييه الشاعر الفرنسي-الجزائري، جان سيناك الذي ظل يعتبر نفسه جزائريا وطنيا مقاوما حتى اغتياله بطريقة شنيعة تشبه تلك التي ذهب ضحيتها المخرج الايطالي المبدع بيير باولو بازوليني. يقول شوفالييه عن سيناك "بشعره الأخاذ كان يغرق يديه في الجروح لكي يتوقف الدم، كان شعره مزعجا لكثيرين كما مثليته الجنسية وديوانه de la lyre aux tripes".

في مادة حملت عنوان "جروح الجزائر السبعة"، أورد الكاتب والروائي الجزائري بوعلام صنصال عرضا إشكاليا تضمن العلل الرئيسية التي تعوق "التحول المدني الديمقراطي". مع العلم أنّ صنصال تعرّض لانتقادات عديدة منذ مشاركته في حفل للرواية العالمية في القدس برعاية الكيان الصهيوني، إضافة الى مشاركته في تظاهرة ثقافية في ألمانيا بحضور أفي بريمور السفير الإسرائيلي في برلين، عدا عن الاستياء الكبير الذي عبّر عنه جزائريون إثر المواقف التي صدرت عنه عقب اعتداء شارلي إيبدو في يناير/كانون الثاني الماضي.

"لم يكن يعيش بسلام" هكذا استذكر مدير التحرير السابق في "لوموند" ورئيس التحرير الحالي في Le 1 اريك فوتورينو، صديقه الكاتب الجزائري رشيد ميموني الذي توفي سنة 1995 نتيجة التهاب حاد للكبد، والذي تعرض لملاحقات وتهديدات علنية من إسلاميي الجزائر في التسعينيات السوداء وصلت إلى الإخطار بالموت والاقتصاص من أسرته. "ترك رشيد ميموني إرثا أدبيا راقيا، بخاصة في رائعته "شرف القبيلة" ولم يمت برصاصتين في رأسه إنما مات قهرا وحزنا كما يقول الطاهر بن جلون".

انتقالا إلى الشق الاجتماعي/ الاقتصادي، وفي قراءة تحليلية للاقتصاد الجزائري، توصّل الاقتصادي الجزائري رياض الحافظي إلى خلاصة زمنية تترواح بين 5 و10 سنوات تتطلبها الجزائر، من أجل التحول السريع نحو نمط إنتاج يتخلص من اقتصاد الريع البترو-غازي. وأسهب الحافظي في شرح المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الجزائري، بخاصة بعد هبوط سعر برميل النفط منذ حزيران 2014 إضافة الى تمركز الشركات الصينية المعنية في قطاع البنى التحتية على الاراضي الجزائرية في ظل توجه واضح ورغبة كبيرة من مثيلاتها الفرنسية للاستثمار في المغرب عوضا عن الجزائر. وخلص الكاتب إلى القول إنه "يمكن الاعتماد على غاز الاردواز أو الشيست كمصدر جديد للطاقة، بخاصة أنّ الغاز والبترول يشكلان ثلث الانتاج المحلي وهذا ما قد يزيد الأعباء الاقتصادية في ظل انفجار أزمة الشباب العاطلين من العمل".

اقرأ أيضاً: فتنة غرداية... الجزائر تقترب من الطوارئ

وفي سياق متّصل قام لوب وولف، الإحصائي والباحث الاجتماعي بتحليل البنية السكانية للشعب الجزائري، اذ يرى وولف أنّ نسبة الشباب دون الـ 25 سنة تشكّل ما يزيد عن 45 بالمئة من إجمالي نسبة السكان، بالمقابل انخفض معدّل الولادات من 7.6 أطفال لكل امرأة في سن الإنجاب في سنة 1970 إلى 2.6 طفل سنة 2015 عدا عن المشاكل التي تواجهها الفئات من بطالة وهجرة قسرية، فإنّ تلك "المرحلة الانتقالية" ستحتّم على الدولة المسارعة في تحسين نظام الرعاية الاجتماعية ليطاول الفئات المسنة مع سن قانون عصري لضمان الشيخوخة الذي يشمل 25 بالمئة من المسنين.

تحت عنوان "فوضى كبيرة" تطرّق الروائي والشاعر الطاهر بن جلون الى مسألة الوحدة المغاربية وأهميتها اقتصاديا وثقافيا. وحمّل بن جلون الشعوب والحكومات مسؤولية الفوضى التي تعيشها ورأى أنّ "الجزائر تعيش في كوما وليبيا تحكمها فوضى العشائر، أما المغرب فيسعى بشكل جدي الى الانتقال الى "دولة ناشئة" على الصعيد الاقتصادي و"دولة قانون" على الصعيد السياسي. وحدها تونس قادرة اليوم على التحول نحو ديمقراطية حقيقية في العالم العربي-الإسلامي".

وفي ختام العدد، حمّل الكاتب الجزائري كمال داود رؤيته لـ"الجزائر التي لا نراها" ورأى أن عوائق عديدة تواجه الجزائر اليوم، في مقدمها النظام السياسي وشكل الحكم التائه بين جمهوري ديموقراطي وملكية وخلافة وديكتاتورية، "هنالك شيء من كل هذا وهنالك نوع من النظام العسكري الخفي، قبضة الجنرالات التي لا تظهر كثيرا". ثم تدرّج الكاتب في شرح للاحداث التي أعقبت تظاهرات 88 والحقبة الدموية وصولا الى حكم الرئيس بوتفليقة، ثمّ تعرّض الى الديبلوماسية الجزائرية التي رأى فيها أخلاقية ووسطية لكنها في نفس الوقت قاسية وصماء. وختم كمال داود مقاله في بحث أسباب غياب الربيع عن الجزائر وأعاد الأمر إلى الخوف والتروما الكولونيالي الفرنسي ليخلص الى القول: "هذا البلد عندما لا يناضل من أجل الاستقلال فإنه يعيش كسلا كبيرا يدفع شبابه نحو الهجرة ويضاعف اليأس لدى نسائه ويجعل من "الحيوانات المفترسة" تزيد من وحشيتها باسم الله والذاكرة".


اقرأ أيضاً: "شارلي إيبدو": ستة أشهر من الجحيم
المساهمون