أكد تاجر البناء السوري، مراد منصور، استمرار وقف تركيا تصدير مواد البناء من حديد وإسمنت، عبر معبر باب الهوى إلى سورية.
وكشف، في حديث هاتفي مع "العربي الجديد"، عن أنه لم تدخل الأراضي السورية أية شحنات لمواد البناء منذ الاقتتال بين أحرار الشام وهيئة تحرير الشام، سوى 50 شاحنة محملة بالحديد والإسمنت، دخلت الأسبوع الماضي وهي مجمركة قبل القرار التركي بوقف التصدير.
وأكدت مصادر "العربي الجديد" عدم وجود قرار رسمي تركي يمنع دخول مواد البناء إلى سورية.
ارتفاع في الأسعار
ولفت منصور، وهو من محافظة إدلب، شمالي غرب سورية، إلى أن شحنات الأغذية والإغاثة لم تزل تعبر للأراضي السورية وكان آخرها 26 شحنة غذاء يوم الجمعة الماضي "لكن تصدير مواد البناء توقف رغم عدم صدور قرار رسمي من الحكومة التركية، بحسب ما يؤكد لنا العاملون بمعبر باب الهوى".
وأضاف التاجر السوري أن البدائل المتاحة لمناطق شمال غرب سورية المحررة، هي تلك الآتية من مناطق النظام مرتفعة الثمن، أو مواد البناء الداخلة عبر معبر باب السلام، لكنها بأسعار مرتفعة نتيجة عبور الشاحنات على حواجز عدة ودفعها نحو 100 دولار أميركي للعناصر التي تقف على الحواجز.
وكانت تركيا قد أوقفت إدخال مواد البناء للداخل السوري، عبر معبر باب الهوى، منذ اندلاع القتال بين هيئة تحرير الشام وأحرار الشام قبل نحو 15 يوماً، لتسمح، بحسب مصادر خاصة، الثلاثاء الماضي بإدخال نحو 500 طن من الإسمنت ومثلها من الحديد، قبل أن توقف حركة التصدير مرة ثانية.
وقال المهندس محروس الخطيب، من مدينة الريحانية، على الحدود التركية السورية: "أتوقع أن القرار مؤقت ومرتبط بالسياسة والتطورات التي أفرزها القتال بين الفصائل المعارضة وسيطرة هيئة تحرير الشام على معبر باب الهوى، بعدما كانت أحرار الشام تسيطر عليه".
وحول إدخال شحنات الأسبوع الماضي، أضاف الخطيب في تصريح لـ "العربي الجديد" أنه "تم السماح بإدخال نحو 50 شاحنة مجمركة قبل قرار وقف التصدير، وترافق إدخال مواد البناء مع إدخال شحنات المواد الغذائية والإغاثية التي يمكن أن تتلف فيما لو بقيت على المعبر بسبب الحر الشديد".
قرار مؤقت
وأشار المهندس السوري إلى عدم وجود وضوح حتى الآن، في ما يتعلق بتصدير مواد البناء إلى سورية عبر معبر باب الهوى "كل ما يقال من إدارة المعبر وحتى الجانب التركي، أن إيقاف التصدير قرار سياسي ولأجل محدود".
وتعاني مناطق شمال سورية المحررة من نقص شديد بمواد البناء، نتيجة وقف الاستيراد عبر تركيا، وهي المنفذ الوحيد نتيجة محاصرة نظام الأسد للمنطقة وعدم السماح بإدخال مستلزمات البناء والمواد الإغاثية.
وقال محمود عبد الرحمن من محافظة إدلب: "ارتفعت أسعار الحديد والإسمنت خلال الأيام العشرة الأخيرة بنسبة 50% عما كانت عليه قبل وقف تركيا تصدير الإسمنت والحديد للداخل. وبلغ سعر كيس الإسمنت اليوم (50 كلغ) نحو 4 آلاف ليرة سورية، حيث كان طن الإسمنت يباع بنحو 80 دولاراً، فارتفع اليوم إلى نحو 120 دولاراً".
وأوضح عبد الرحمن، وهو عامل بتعهدات البناء، لـ "العربي الجديد"، أن حجم الإيذاء والضرر الذي لحق بمناطق ريفي إدلب وحلب وحماة المحررة كبير، إذ إن هذه المناطق تشهد حركة إعادة إعمار نشطة منذ توقف القصف وتطبيق الهدنة قبل ثلاثة أشهر.
وأشار إلى أن تركيا كانت تسد حاجة المنطقة من الحديد والإسمنت، حيث كان يدخل عبر معبر باب الهوى، نحو 60 ألف طن من الإسمنت شهرياً، وحوالى 5 آلاف طن من الحديد، برسوم جمركية من قبل الجانب السوري تبلغ 5 دولارات على طن الإسمنت، و7 دولارات على طن الحديد.
وأضاف أن الحل الوحيد فيما لو استمر إيقاف تركيا تصدير الحديد والإسمنت، تهريبها عبر مناطق النظام ما يعني ارتفاع سعرها وبالتالي ارتفاع تكاليف البناء وتوقف كثيرين عن العمل وتراجع دخول السوريين بالشمال السوري، الذي يعتمد اليوم بشكل رئيسي على الإعمار.
استمرار الشحنات الإغاثية
وكانت جهات إعلامية قد أشارت إلى تقليل عدد الشحنات الغذائية والإغاثية الداخلة لسورية عبر معبر باب الهوى، بالتزامن مع إيقاف إدخال مواد البناء، وهو ما نفاه مدير دار الاستشفاء بالريحانية، ياسر السيد.
وقال السيد لـ "العربي الجديد":" لست مطلعاً على تفاصيل وأسباب إيقاف تصدير مواد البناء، لكني أؤكد أن المواد الغذائية والدواء والشحنات الإغاثية، لم تتأثر ولم تزل تدخل بالوتيرة ذاتها قبل اقتتال الفصائل في محافظة إدلب".
وأضاف السيد أنه لا يمكن لمعبر باب الهوى أن يغلق بوجه التصدير الغذائي أو الشحنات الإغاثية، لأن شمال سورية المحرر يعتمد كلياً على تركيا وهي رئته الوحيدة كون نظام الأسد يفرض حصاراً ولا يزود المنطقة بأية منتجات. وكشف عن عودة دخول وخروج السوريين خلال فترة الأعياد، كما كانت عليه ولا إعاقة لأي سوري يدخل سورية أو يغادرها عبر معبر باب الهوى.
وقال موقع "تركيا بالعربي" إن وقف دخول مواد البناء، نهاية الشهر الماضي، يعود إلى فسح المجال أمام قوافل المواد الإغاثية المتراكمة أمام المعبر. واعتبر الموقع أن الأولوية ستكون للمواد الغذائية ومن ثم مواد البناء.
وأكد المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، لـ "العربي الجديد"، أنه لم يصدر قرار رسمي من تركيا بإيقاف تصدير مواد البناء إلى سورية، بل على العكس، إذ تهتم بلاده بإعادة الإعمار وتوفير فرص عمل للسوريين بالمناطق المحررة وتزود مناطق شمال غرب سورية بالغذاء والدواء وبقية مستلزمات الحياة، لتكسر الحصار المفروض عليهم من قبل نظام بشار الأسد. مرجحاً أن يكون القرار الحالي مؤقتاً.