استفحلت أزمة الغاز في السودان أخيراً، حيث يشتكي سودانيون من ندرة في غاز الطهو فضلاً عن بيعه في السوق السوداء بأربعة أضعاف سعره الحقيقي. وبدأت صفوف الغاز الطويلة في الظهور من جديد بعد أقل من ستة أشهر من الأزمة الأولى التي ضربت العاصمة السودانية الخرطوم.
ورصدت "العربي الجديد"، تجمعات لسودانيين أمام عدد من محطات الوقود في الخرطوم وبحري وأم درمان بحثاً عن الغاز وسط سخط كبير من غياب الأنابيب التي كانت تباع في العديد من المتاجر.
وأغلقت عدد من المطاعم الصغيرة والمخابز في أحياء العاصمة المثلثة أبوابها أمام المواطنين بسبب أزمة الغاز. وقال محمد، صاحب مطعم، إن أزمة الغاز ألحقت أضراراً بمطمعه، حيث أغلقه أمام المستهلكين لمدة ثلاثة أيام ظل خلالها ينتقل من مكان إلى آخر بحثاً عن أنابيب الغاز، دون جدوى. وأضاف: "خسارتي في اليوم الواحد تصل إلى أكثر من خمسة آلاف جنيه، إذ يعمل المطعم من التاسعة صباحاً وحتى الواحدة صباحاً".
وأعلنت الحكومة عن وصول 20 ناقلة غاز لميناء بورسودان، شرقي البلاد، أفرغت عشرة آلاف طن متري من الغاز. وقالت الحكومة إن هذه الكميات يمكن أن تحل الأزمة التي ترى أنها مفتعلة. وكشفت وزارة النفط عن تورط جهات لم تسمها بتهريب 20% من حصة العاصمة السودانية من المنتجات البترولية.
وفي تصريحات نشرتها الصحف السودانية، اتهم وزير النفط السوداني الدكتورعوض محمد زايد، التجار بالوقوف خلف أزمة غاز الطبخ. وأشار الوزير إلى المضاربات التي تتم في السوق بين التجار.
وتعاني الخرطوم سنوياً خلال شهري مايو/ أيار ونوفمبر/ تشرين الثاني من أزمة في غاز الطبخ بجانب الغازولين، بسبب توقف المصفاة الرئيسية لأعمال الصيانة، الأمر الذي جعل خبراء اقتصاديين يتهمون شخصيات نافذة في الحكومة بافتعال الأزمة من أجل تحقيق الربح السريع من فارق السعر.
ويقولون إن هذه الشخصيات الحكومية تبيع الغاز في السوق السوداء بأسعار عالية بينما يمكن للحكومة أن توفر كميات من الغاز قبل أعمال الصيانة باعتبار أن مواقيتها معروفة.
لكن مصادر حكومية قالت، لـ"العربي الجديد"، إن أزمة الغاز تتصل بأزمة العملة الصعبة التي تمكّن الدولة من شراء كميات من الغاز، ولا سيما أن الدولة أصبحت أخيراً تشتري الدولارات من السوق السوداء بأسعار عالية.
واشتكى مواطنون بعدد من ولايات السودان، بينها العاصمة، من نقص حاد في غاز الطبخ ووصول أسعار أنبوبة الغاز من 60 إلى 90 جنيهاً في الخرطوم ومائتي جنيه في بعض الولايات، بينما السعر الحكومي المعلن 25 جنيهاً.
وقالت فاطمة، لـ"العربي الجديد": "لأكثر من أسبوع فشلنا تماماً في تأمين الغاز حتى من السوق السوداء، فالإجابة واحدة في محطات الوقود وعند الوكلاء، وهي لا يوجد لدينا غاز". وأضافت "نعاني جداً من تلك المشكلة، خاصة في غياب البدائل، فاللحم يوجد بكميات بسيطة وأسعاره مرتفعة".
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي كمال محمد، لـ"العربي الجديد": "في كل العالم معروف أن المصفاة تتوقف في فترة من العام لأوقات مختلفة من 45 إلى 60 يوماً للصيانة. وخلال هذه الفترة تتحسّب الحكومات باستيراد منتجات بترولية كافية لتغطية الاحتياجات حتى لا تدخل البلاد في أزمة".
وأوضح "لكن فترة توقف مصفاة الجيلي في السودان، أصبحت سراً غير معلن وأصبح توقفها مبرراً حتى تستفيد مجموعات معيّنة من التجار".
وشدد الخبير محمد على أن الاتهام مباشر لوزارة النفط، باختلاق الأزمة لصالح مجموعات بعينها من التجار، إذ كان يمكنها أن تستورد غازاً بكميات مناسبة، مستبعداً تماماً فرضية افتقار الدولة للأموال. وأوضح "الدولة تشتري السلاح بالمليارات، هل سيغلّبها توفير غاز للمواطن". وأكد أن للغاز علاقة مباشرة بحياة المواطن، وأن الأزمة تزيد من الأعباء عليه إذ ترفع أسعار السلع".
اقرأ أيضا: حرب اليمن لا تعرقل تجارة السودان وإيران