تشهد تركيا نمواً بطيئاً في عدد السكان، بعد تراجع أرقام الزواج خلال السنوات الأخيرة وزيادة الطلاق والعزوف عن الزواج. وهو ما دفع حكومة "العدالة والتنمية" إلى تغيير بعض السياسات والقوانين القديمة، ومنح المتزوجين تسهيلات وصلت إلى حدّ المساعدة المالية، خصوصاً مع إنجاب أكثر من طفل واحد.
يعتبر المربّي خليل أونيصال أنّ الوضع المالي للأتراك، كان سبباً في تأخر الزواج والاقتصار على إنجاب ولد واحد، ما قلص نسبة الأطفال في المجتمع التركي إلى نحو 29 في المائة من عدد السكان العام الماضي، في حين كانت نسبتهم نحو 45 في المائة عام 1935 ونحو 31.5 في المائة عام 2008. يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ عدد الأطفال في تركيا يقدّر بنحو 22 مليوناً اليوم، وهو ما انعكس أيضاً على نسبة شريحة الشباب (ما بين 16 عاماً و24) والتي لا تزيد عن 16.4 في المائة.
الحكومة التركية قدمت قروضاً للزواج، وسهلت شراء المنازل عبر قروض مصرفية ميسرة وبفوائد تكاد تكون معدومة، بل بدأت منذ نهاية العام الماضي في تقديم هدايا للمواليد، تتزايد كلما زاد عددهم في الأسرة الواحدة.
تعتبر الأستاذة في جامعة "محمد الفاتح" في إسطنبول، عائشة نور، أنّ دراسة الفتيات وتراجع المستوى المعيشي، هما أهم أسباب تأخر الزواج وقلة الإنجاب، مشيرة إلى ارتفاع الأسعار خلال السنوات الأخيرة، بالرغم من مضاعفة مداخيل الأتراك. تقول إنّ هذه العوامل تدفع معظم الأتراك إلى التريث في الإقدام على الزواج أو كثرة الإنجاب. تضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ سياسات التشجيع على الزواج والإنجاب، التي اتخذتها الحكومة التركية أخيراً، غير كافية، كما أنّ المنح المالية لا تشمل كلّ المتزوجين، بل من هم في سن معينة (ما دون 25 عاماً)، في حين أنّ الدراسة وتأمين مستلزمات الزواج، تؤخر الشباب بما يتجاوز هذا السنّ.
بدأت الحكومة التركية منذ ثلاثة أعوام، بجملة من الحوافز المشجعة على الزواج والإنجاب، كدعم الرعاية النهارية للأمهات اللواتي لديهن أطفال تراوح أعمارهم ما بين عامين وخمسة، بالإضافة إلى حوافز مادية. كذلك، شدد رئيس البلاد رجب طيب أردوغان، في أكثر من مناسبة، على ضرورة أن تنجب كلّ أسرة تركية ما لا يقل عن ثلاثة أطفال.
تمنح وزارة الشؤون الاجتماعية مساعدات مالية للمواليد بلغت منذ مايو/ أيار 2016 حتى إبريل/ نيسان 2017، نحو 451 مليون ليرة تركية (118 مليون دولار أميركي). كذلك، تقدم الحكومة التركية قطعة ذهبية بقيمة 300 ليرة (79 دولاراً) للمولود الأول، وقطعة ذهبية للمولود الثاني والثالث بقيمة 400 ليرة (105 دولارات)، وبعد المولود الثالث تقدم قطعة ذهبية بقيمة 600 ليرة (157 دولاراً).
لكنّ ذلك لم يغيّر من واقع الحال كثيراً، بحسب ما يرى مراقبون، إذ لم يزد عدد سكان تركيا خلال العام الماضي بأكثر من 3 ملايين نسمة، ليصل إلى نحو 82.8 مليون نسمة. فقد انخفض عدد حالات الزواج المُسجّلة في تركيا عام 2017 بنسبة 4.2 في المائة، مقارنةً بعام 2016، كما ارتفعت نسبة الطلاق 1.8 في المائة، وفقاً لبيانات معهد الإحصاء التركي. وتُظهر البيانات أنّ عدد الزيجات الجديدة العام الماضي وصل إلى 569 ألفاً و459 زيجة، بينما وصل عدد حالات الطلاق إلى 128 ألفاً و411 حالة.
تشير نسب معهد الإحصاء التركي إلى أنّ عدد الزوجات الأجنبيات الجدد في تركيا، بلغ العام الماضي 20 ألفاً و972 زوجة. وقد تصدّرت النساء السوريات القائمة، إذ بلغت نسبتهن 19.4 في المائة من إجمالي الزوجات الأجانب في تركيا العام الماضي، تليهن الزوجات الأذربيجانيات بنسبة 13.3 في المائة، ثم الألمانيات بنسبة 12.4 في المائة. في المقابل، بلغ عدد الأزواج الأجانب في تركيا العام الماضي 3 آلاف و782 زوجاً، ما يمثل 0.7 في المائة من إجمالي عدد الأزواج في البلاد. تصدّر الألمان القائمة بنسبة 36.5 في المائة، ثم السوريون بنسبة 8.5 في المائة، فالنمساويين بنسبة 8 في المائة.
إلى ذلك، وبحلول عام 2024، من المتوقع أن يبلغ عدد سكان تركيا 100 مليون و331 ألف نسمة بحسب دراسة لمعهد الإحصاء التركي. ومن المتوقع أن يرتفع عدد السكان إلى أعلى مستوى له عام 2069، ليصل إلى 107 ملايين و664 ألفاً. وسيصل عدد سكان مدينة إسطنبول إلى 16.3 مليون نسمة بحلول عام 2024، وسكان أنقرة إلى 6.1 ملايين نسمة.