أزمة دولار تعرقل سياحة الجزائريين في الخارج

22 يوليو 2017
الجزائريون يواجهون صعوبة في الحصول على الدولار (لوثر بيتر/Getty)
+ الخط -






يتجدّد مع حلول فصل الصيف بالجزائر من كل سنة، الحديث عن "منحة السفر" التي يضطر الجزائريون إلى اقتنائها حتى يسمح لهم بالخروج عبر الحدود البرية والجوية والبحرية، إذ يشتكي المواطنون الذين يستعدون لقضاء عطلهم السنوية خارج البلاد من ضآلتها.

وبدأت شبابيك البنوك في استقبال الآلاف من طلبات شراء "منحة السفر" التي لا تتعدى ما قيمته 15 ألف دينار بما يقابلها من عملات صعبة كالدولار أو اليورو، وهو رقم يعادل نحو (130 دولاراً و140 يورو)، فيما يرفض كثير من البنوك بيع العملة الصعبة للمسافرين خارج البلاد بحجة عدم توفرها.

في إحدى وكالات البنك الخارجي الجزائري (حكومي) في العاصمة الجزائرية، بدأ الطابور يتشكل بعد مرور دقائق قليلة على فتح شبابيك البنك، والكل يحمل جواز سفره وينظر بترقب نحو مقدمة الطابور.

يقول الشاب أمين شيخ الذي يستعد للسفر إلى تونس لقضاء العطلة الصيفية، لـ"العربي الجديد": "منحة السفر تحوّلت إلى محنة بالفعل. طابور طويل لشراء 140 دولاراً لا تكفي حتى لقضاء 3 أيام في بعض الدول. كان الأجدر أن تحرر المنحة ويسمح لنا باقتناء مبلغ يضمن لنا كرامتنا".

وعبر المواطن، كمال لابانجي، عن امتعاضه من الوقوف كل سنة في طوابير لاقتناء منحة السفر، وقد قال لـ "العربي الجديد" إن "البنوك أصبحت تتعمد إيجاد الذرائع من أجل رفض بيع العملة الصعبة للجزائريين في فصل الصيف، وذلك حماية لسيولتها المالية".

وتراجع احتياطي النقد الأجنبي بالجزائر من 192 مليار دولار في النصف الأول من عام 2014 (قبل أزمة النفط) إلى قرابة 143 مليار دولار بنهاية 2015، فيما تتوقع الحكومة أن ينتهي العام الجاري 2017 باحتياطي نقد أجنبي عند مستوى 113.3 مليار دولار.
ولفت كمال إلى أن 130 يورو لن تكفيه لقضاء ليلة واحدة في باريس من حيث تغطية ثمن الفندق والأكل والتنقل.

وينص القانون الجزائري للنقد والصرف على أن كل مواطن جزائري مقيم يرغب في السفر إلى الخارج تحق له الاستفادة من "حق الصرف"، ويتم تحديد القيمة من قبل البنك المركزي.
ويعرف القانون القيمة المالية التي يتقاضاها المواطن بـ "منحة أو علاوة السفر" أو" المنحة السياحية".
ويتم توفير المنحة بعد تقديم تذكرة السفر والتأكيد على الخروج من الدولة، وإلا فإن أي مخالفة يعاقب عليها بالحرمان منها لاحقاً.

وتُترك لبنك الجزائر السلطة التقديرية لتحديد مستوى المنحة، والتي حددها سنة 1997 بـ 15 ألف دينار جزائري، بما يعادلها من العملات الأجنبية لكل سنة مدنية. وتقدر القيمة بالنصف في حالة الأطفال البالغين أقل من 15 سنة، ولا يمكن تجميع القيمة من سنة إلى أخرى.
وعلى الرغم من التعهدات المستمرة التي أطلقتها الحكومة لمراجعة "منحة السفر" استجابة لنداء الجزائريين، إلا أن تلك الوعود لا تزال مجرد كلام.

ويستبعد خبراء أن يراجع البنك المركزي قيمة "منحة السفر" في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها البلاد، خاصة أنها تكلف البلاد ما يقارب 231 مليون دولار سنوياً، حسب الأرقام الصادرة عن البنك المركزي الجزائري.

وحسب الخبير المالي جمال نور الدين، فإن منحة السفر تترجم حال الإطار القانوني المنظم للبنوك في الجزائر، والذي لا يتماشى مع الأوضاع الحالية، فظروف الجزائر سنة 1997 ليست نفسها اليوم.

وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن منحة السفر الجزائرية تبقى الأدنى إقليمياً وعربياً، فالمواطن التونسي يستفيد مقابل ستة آلاف دينار تونسي، أي 2700 دولار، كمنحة سياحية سنوية، علما أن الناتج المحلي الأجمالي التونسي يقدر بـ45.6 مليار دولار، أما المنحة السياحية التي يستفيد منها المواطن المغربي فإنها تصل إلى 40 ألف درهم أو ما يعادل 3700 دولار سنوياً، يضاف إليها 10 آلاف درهم للشراء عبر الإنترنت، علما أن الناتج المحلي المغربي يقدر بنحو 96.73 مليار دولار.

وقال الخبير الاقتصادي فارس مسدور، لـ "العربي الجديد" إن كل هذه الظروف تدفع المواطنين إلى التوجه ناحية السوق السوداء للعملة، والتي يلجأ إليها كل من يرغب في السفر أو تحويل العملة بمن في ذلك المسؤولون في الدولة.

وتُظهر الأرقام الرسمية المتتابعة تآكلاً متسارعاً لاحتياطي النقد الأجنبي في الجزائر، والتي كان يحوز مصرفها المركزي، ثاني أكبر كتلة عملة صعبة في المنطقة بعد السعودية، قبل عامين ونصف العام.

وتتوقع الحكومة نزول احتياطات البلاد من النقد الأجنبي، والذي يعد أهم الضمانات الرئيسية للتجارة الخارجية، إلى 96 مليار دولار خلال يوليو/ تموز الجاري، ما يعني أن الجزائر فقدت نصف ما كان بحوزتها من عملات صعبة خلال ثلاثة أعوام من أزمة انهيار أسعار النفط التي بدأت صيف عام 2014.

المساهمون