يعيش الطلاب العراقيّون في جورجيا وضعاً مأساوياً منذ فترة ليست بالقصيرة، إذ ترفض السلطات الجورجية منحهم الإقامات الرسمية، بينما تهمل الحكومة العراقية ملفهم، الأمر الذي قد يتسبّب بضياع مستقبلهم في ظلّ وضع قانوني غير سليم.
ويُناشد الطلاب حكومة بلادهم بمتابعة ملفهم مع الحكومة الجورجية، وتسهيل حصولهم على الإقامات الرسمية، من أجل إكمال دراستهم. يقول أحد الطلاب في جورجيا إنه "تم رفض كل طلبات الإقامة للطلاب العراقيين على وجه التحديد دون الجنسيات الأخرى من قبل الحكومة الجورجية، وقد حاولت السفارة حلّ هذا الموضوع من دون أية نتيجة". ويوضح الطالب نفسه الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد" أنّ "الطلاب العراقيين في وضع قانوني حرج ولا يملكون إقامات، وقد تم ترحيل العديد منهم بشكل مهين بعد اعتقالهم واقتيادهم من مساكنهم ومن الشارع أحياناً خلال الفترة الماضية". ويشير إلى أن "العديد من الطلاب اضطروا إلى تقديم طلبات هجرة حتى يتمكّنوا من متابعة دراستهم. لكن في حال الموافقة على طلبات الهجرة، لن يستطيعوا الخروج من جورجيا. وفي حال خروجهم، لن يستطيعوا العودة مرة أخرى، وبالتالي تضيع سنوات الدراسة. وفي حال رفض الطلب من دائرة اللجوء والهجرة، لن يستطيعوا تقديم طلب إقامة كطلاب مرّة أخرى تحت أي ظرف". ويتابع أنّ "طلاباً آخرين لجأوا إلى القضاء والمحاكم، ودفعت مبالغ طائلة للحصول على الإقامة".
يتحدّث الطالب نفسه عن "تفاقم المشكلة وحظر الحسابات المصرفيّة للطلاب بسبب عدم حصولهم على الإقامة، ما سيجعلهم غير قادرين على استلام أي مبلغ مالي يحوّل إليهم". ويؤكّد أن "الطلاب يعيشون حالياً حالة رعب، خصوصاً أنهم مطالبون بدفع رسوم العام الجديد للحفاظ على مقاعدهم الدراسية، لكنّهم لا يضمنون بقاءهم في البلاد، فضلاً عن أن الخريجين لم يستطيعوا تصديق شهاداتهم لعدم حصولهم على الإقامة". يضيف: "ناشدنا كل الجهات المسؤولة داخل جورجيا وفي العراق من دون جدوى"، داعياً الحكومة العراقية إلى "التدخل والتوسط لدى جورجيا وإيجاد حل لهذه المشكلة". ويلفت إلى أن "السلطات الجورجية تتعامل معنا اليوم وكأننا إرهابيون، وتعتبرنا خطراً على الأمن القومي. أمّا المسؤولون العراقيين يأتون لالتقاط الصور مع الطلاب ونشرها على حساباتهم الشخصية، مدعين أنهم يتابعون هذا الملف". كما يتحدّث عن أزمة من نوع آخر تواجه الطالبات العراقيات في جورجيا، خصوصاً اللواتي لا يستطعن العودة إلى العراق.
في السياق، يقول محام عربي يُتابع ملف الطلاب العراقيين في جورجيا إنّ السلطات الجورجية تقدم عدة مبرّرات في "تعاملها السيئ مع العراقيين، خصوصاً الطلاب". ويشير، وقد فضّل عدم الكشف عن هويته، إلى أن "الطلاب لا يملكون المال، على عكس أولئك القادمين للعمل والذين سينفقون المال في البلاد".
إلى ذلك، تقول النائبة في البرلمان العراقي ميسون الساعدي إنّ ما يحدث مع الطلاب العراقيين مرتبط بما فعله رجل عراقي تزوج من جورجية، إذ عمد إلى أخذ طفله والعودة إلى العراق. والآن تطالب السلطات الجورجية بعودة الطفل الى أمه في مقابل فك الحظر عن العراقيين. وتؤكّد الساعدي خلال جلسة البرلمان الأخيرة أن وضع الطلاب العراقيين يتطلب تدخلاً، وهو ما استغربه رئيس الجلسة حسن الكعبي، الذي أشار إلى أن الخارجية أبلغته بانتهاء الموضوع، مستغرباً استمرار المشكلة، ومؤكداً أنه سيتابع ذلك بنفسه.
من جهته، يقرّ مسؤول في وزارة الخارجية العراقية فضّل عدم الكشف عن هويته بأنّ "ملف الطلاب العراقيين في جورجيا لم يحظ باهتمام كاف"، ويلفت لـ"العربي الجديد" إلى أن الطلاب، ويقدّر عددهم بـ200 طالب، يدرسون على نفقتهم الخاصة في الجامعات الجورجية. يضيف أن "هناك سوء معاملة من قبل السلطات الجورجية، مؤكداً أن خروج الأزمة إلى الإعلام يعني أنها تفاقمت كثيراً".
ويحمّل أهالي الطلاب وزارة الخارجية مسؤولية هذا الإهمال، مؤكدين أنّ الوزارة لم تحرك ساكناً إزاء مناشداتهم. ويقول أبو حيدر، والد أحد الطلاب في جورجيا، لـ"العربي الجديد": "طرقنا أبواب وزارة الخارجية لكن لم نحصل إلا على الوعود من دون تنفيذ"، مبيناً أنّ "الوزارة تتحمل مسؤولية ضياع مستقبل أولادنا الذين لا يستطيعون إكمال الدراسة أو العودة لإكمالها في العراق". يشار إلى أنه مؤخراً، أقرت هيئة الرأي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي خلال اجتماع ترأسه وزير التعليم العالي قصي السهيل، فتح الملفات الدراسية للطلاب العراقيين في الخارج.