وقالت مصادر برلمانية قريبة من السلطة، إن "اتصالات جرت بين أجهزة سيادية وأمنية في الدولة مع الكنيسة عقب إغلاق الكنائس، وسط تأكيدات بالسعي للوصول إلى حلّ للأزمة في الفترة المقبلة". وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد" أن الاتصالات حملت تطمينات "بعدم وجود أي غرض لدى النظام الحالي بإثارة غضب المسيحيين، والدليل على ذلك الإسراع في إصدار قانون بناء الكنائس قبل نهاية دور الانعقاد الماضي"، موضحةً أن الكنيسة تفهّمت الوضع تماماً وبدا أنها تستجيب لمطالبات الأجهزة الأمنية والسيادية بعدم التصعيد حيال الأمر منعاً لإثارة القلاقل في البلاد، ولكن ما حدث عكس ذلك.
ولفتت المصادر إلى أن بيان مكاريوس لا يمكن أن يصدر من دون موافقة الكنيسة الأرثوذكسية، بما يعني أن هناك محاولات لممارسة ضغوط على السيسي لإعادة فتح المنازل التي تحوّلت إلى كنائس في أسرع وقت، مشيرةً إلى أن السيسي يرغب بشدة في عدم إغضاب المسيحيين خلال الفترة المقبلة، لعدم خسارتهم خلال الانتخابات الرئاسية، ولكن ليس بممارسة الضغوط بهذا الشكل.
واعتبرت المصادر أن بيان محافظ المنيا للرد على حديث مكاريوس، هو رد فعل الدولة، في رسالة بأن الضغوط لن تُجدي نفعاً في هذا الأمر، ولن يترتّب عليه إلا تجميد الأمر، مؤكدةَ أنّ "العلاقة بين النظام الحالي والكنيسة في الأساس هي لخدمة المصلحة المشتركة والتفاهم"، ولكن الكنيسة تحاول في بعض الأوقات الضغط على السيسي للحصول على مكتسبات.
وشدّدت المصادر ذاتها، على أن الاتصالات مع الكنيسة حول أزمة المنيا الأخيرة، أكّدت أن هذا الإغلاق "لمصلحة المسيحيين لمنع أي تعرّض لهم من أبناء القرى هناك، وعدم إعطاء فرصة للمتشددين لإثارة الفتنة". ونوّهت إلى أن هناك محاولات لحل الأزمة في الأيام المقبلة، وهو ما دفع الكنيسة إلى عدم التدخّل في الأمر وتوقّف مكاريوس عن إطلاق تصريحات، ويبدو أن هناك اتصالات أخرى حدثت في هذا الإطار. وتتعلّق هذه الاستجابة بوجود قطاع يمكن الاستفادة منه خلال الانتخابات التي لا يُتوقّع أن تشهد مشاركة كبيرة، باعتراف السيسي نفسه ومقربين من مؤسسة الرئاسة.
وفي هذا السياق، قال عمرو أديب، الإعلامي المقرب من النظام الحالي، إنه "خلال الفترة المقبلة، ستشهد مصر أحاديث عن اضطهاد الأقباط وحقوق الأقليات والحصول على فرص متساوية". وأضاف أديب، الذي بدا أنه يتحدّث بلسان أحد الأجهزة السيادية التي تسيطر على الإعلام، أن هذا الأمر سيكون قبل زيارة نائب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمصر وخلالها في الفترة المقبلة.
وحول ملف الانتخابات الرئاسية ودعم المسيحيين للسيسي، قال ناشط قبطي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" إن "المسيحيين في مصر لا يختلفون بشيء عن المصريين كلهم، وبالتالي لهم كامل الحرية في مسألة تأييد السيسي من عدمها". وأقرّ النشاط بتوجيهات الكنيسة لدعم السيسي في الانتخابات المقبلة، على الرغم من عدم قدرته على حماية المسيحيين وفشله في مواجهة العمليات الإرهابية التي تستهدفهم.
وقال الخبير السياسي محمد عز، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الرئيس المصري "يحاول امتصاص غضب المسيحيين بعد العمليات التي تستهدف الكنائس منذ العام الماضي وعدم القدرة على وقْف هذه الاعتداءات، بسبب انتخابات الرئاسة"، لافتاً إلى أن السيسي يحتاج إلى المسيحيين أيضاً لتحسين صورته خارجياً، خاصة أن عدم الاهتمام بهذا الملف تصاحبه ضجّة دولية لناحية حقوق الأقليات وضرورة حمايتهم.