أصيبت أنشطة قطاعات حيوية كثيرة في غزّة بالشلل التام جراء إغلاق المصارف لليوم السادس على التوالي، في ظل تجاهل السلطة الفلسطينية وضع حلول للأزمة التي نشأت عقب تلقي جزء من موظفيها رواتبهم، وحرمان موظفي الحكومة السابقة في القطاع من تلقيها.
وتغلق الشرطة في غزة المصارف أمام العاملين فيها والموظفين الذين كانوا يتجهزون لتلقي رواتبهم المودعة من السلطة الفلسطينية، ما أدى إلى حالة من الاحتقان في الشارع الغزّي، ومخاوف متجددة من تزايد رقعة الأزمة وتصاعدها مع غياب الحلول.
وانعكس عدم تلقي الموظفين رواتبهم على حالة الأسواق والقدرة الشرائية للأسر الغزية، وأصاب الركود أصحاب المحال التجارية الذين ينتظرون عادة هذه الأيام من كل شهر والتي تتصاعد فيها حركة البيع والشراء.
ولم تسلم محطات تعبئة الوقود في القطاع من الأزمة، وتكدست طوال اليوم أمام محطات الوقود عشرات السيارات في انتظار تعبئة القليل من الوقود الذي يصل أصلاً بكميات أقل من التي تحتاجها غزة.
ويقول هاني رجب، صاحب إحدى محطات تعبئة الوقود بشمال القطاع لـ"العربي الجديد"، إن جميع كميات الوقود داخل محطته والمحطات الأخرى نفدت منذ أمس الاثنين، ما ينذر بأزمة حقيقية في قطاع المواصلات.
وأوضح رجب، أن تجار الوقود يفترض بهم وضع الأموال في المصارف بغزة، ومن ثم تحويلها إلى هيئة البترول في الضفة الغربية لشراء الوقود من الجانب الإسرائيلي، ومن ثم توريده إلى القطاع، وأن هذا الأمر غير ممكن الآن في ظل إغلاق المصارف.
ولفت إلى أن أزمة الوقود إن استمرت ولم يتم إيجاد حل مناسب وسريع لها، فإنها ستفاقم الأوضاع في قطاع غزة المحاصَر، وستزيد من معاناة المواطنين وخاصة قطاع السائقين الذي يعد بالآلاف في غزة.
وناشد رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة، وليد الحصري، أصحاب القرار كافة بوضع حلول سريعة من أجل الخروج من هذه الأزمة، نتيجة الأثار السلبية التي تقع على القطاع الخاص الفلسطيني.
وأوضح الحصري، في بيان وصل "العربي الجديد" نسخة منه، أن استمرار إغلاق المصارف سيضر بالتجار والمستوردين ورجال الأعمال، لأن علاقتهم مباشرة بالمصارف من خلال الحوالات والشيكات المالية والاعتمادات المستندية، وخطابات الضمان، مما يعطل عمل التجار ورجال الأعمال.
وبيّن أن استمرار أزمة المصارف سيؤثر على حركة الواردات لغزة من المواد الغذائية ومشتقات البترول والغاز وكافة السلع الاستهلاكية، مشيراً إلى الآثار السلبية على المستثمرين في الأسهم والبورصات، قائلاً: "سيتكبدون خسائر نتيجة توقف تداولهم".
وقال الخبير المالي والاقتصادي، الدكتور رامي عبده، إن حل أزمة الرواتب والمصارف يتمثل في مبادرة يلتقي عندها أطراف الأزمة، بحيث تقوم الحكومة بالإعلان عن تشكيل خلية أزمة لإيجاد حلول جادة تضمن حقوق الجميع ضمن إطار زمني معلن، وفي المقابل يوقف موظفو غزة احتجاجاتهم أمام المصارف.
وأكد عبده لـ"العربي الجديد" ضرورة تهدئة مخاوف الموظفين تجاه حقوقهم ورواتبهم، خاصة أنهم منذ سبع سنوات يعملون في القطاع في ظل ظروف معقدة، وأنهم يستحقون بعد هذه السنوات طمأنتهم على مستقبلهم وقوت عوائلهم.
والمؤسف، بحسب عبده، أن ما يعمّق الأزمة وجود شعور داخل الشارع الغزّي، بأن السلطة لا تلقي بالاً لإغلاق المصارف، وعدم تلقي موظفي غزة رواتبهم، وهو ما يعمق الشعور بأن السلطة تتعامل مع مواطني غزة على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
وحذّر عبده، من أن استمرار الأزمة يعني الوصول إلى الفراغ، وهذا الفراغ ليس في مصلحة أحدٍ فلسطينياً، داعياً إلى تدخل سريع لإنهاء الأزمة، وحل الإشكاليات العالقة التي تحول دون تلقي جميع الموظفين رواتبهم.