أخذت أزمة الأدوية في تونس، منعطفاً خطيراً، فاقمه سخط المواطنين بسبب نفاذ الكمية، لا سيما الأدوية الخاصة بالأمراض الخطيرة من الصيدليات والمستشفيات الحكومية، بسبب تراجع مخزون الاحتياطي الاستراتيجي، الأمر الذي يهدد الأمن الصحي والاجتماعي للبلاد.
وشرع البرلمان التونسي في التحقيق للوقوف على أسباب أزمة قطاع الأدوية ونفاذها من السوق وتعطل استيرادها وتوزيعها، وتوجهت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس نواب الشعب إلى مقر الصيدلية المركزية لتقصي أسباب الأزمة.
وقال رئيس اللجنة، سهيل العلويني، لـ"العربي الجديد" "إن المخزون الوطني من الأدوية مهدد، ونحن أمام أزمة حقيقية متعددة الأسباب، تستدعي المعالجة بشكل هيكلي وتدخل العديد من الأطراف".
وأوضح أن الأزمة أصبحت تهدد الأمن الاجتماعي والصحي للمواطن، وأنه يجب التدخل بسرعة ونجاعة لمنع وقوع كارثة صحية، مبيناً أن البرلمان بدوره بصدد متابعة الموضوع مع الوزارة والجهات المعنية.
بدوره، دقّ وزير الصحة عماد الحمامي، ناقوس الخطر معلناً تراجع الاحتياطي الاستراتيجي بما يمثل خطراً على مخزون الأدوية الحياتية وأدوية الأمراض الخطيرة والمزمنة.
وقال الحمامي في إجابة على تساؤلات النواب أمام البرلمان، أنّ الاحتياطي الاستراتيجي للأدوية تراجع ليبلغ شهرين و19 يوماً بعد أن بلغ في فبراير/شباط الماضي 3 أشهر و7 أيام، مشيراً إلى أن وزارة الصحة تعمل بالتنسيق مع الصيدلية المركزية حتى لا يتم المس بالأدوية الحياتية وأدوية الأمراض الخطيرة.
ولفت وزير الصحة إلى أنّ هناك تحسناً في المخزون والتوزيع على المستوى الوطني، إثر الجلسة التي جمعتهم مع المزودين الأجانب، مبيناً أن خلية الأزمة تعمل على أن يصل الاحتياطي الاستراتيجي في أفق سنة 2020 إلى 6 أشهر.
بدوره، أكد الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية، أيمن المكي، خلال زيارة أعضاء لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية البرلمانية إلى الصيدلية المركزية، أنّ من أسباب تعطل استيراد الأدوية حجم ديون الصيدلية المركزية لفائدة عشر مختبرات أدوية اجنبية كبرى بلغت حوالي 260 مليون دينار، وهو ما يفسر عجزها على توفير عدد من الأدوية، مشيراً إلى أن خسائر الصيدلية المركزية سنة 2017 فقط، بلغت 146 مليون دينار مما سيضطرها إلى الاقتراض.
وبيّن كاتب عام نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة، مصطفى العروسي في تصريح لـ" العربي الجديد"، أنّ الديون المتراكمة لفائدة المختبرات الأجنبية هي سبب فقدان الأدوية في السوق التونسية، مشيراً إلى أن أزمة الأدوية انطلقت منذ أشهر، إلا أنها لأول مرة تصل إلى هذه المرحلة الحرجة، إذ تم فقدان بين 60 و100 نوع من الأدوية، تتراوح بين أدوية الأمراض البسيطة وصولاً إلى أدوية السرطان والصرع والأدوية الحيوية.
ولفت العروسي إلى أن أزمة الأدوية الحالية ترجع إلى احتكار الصيدلية المركزية في تونس عملية توزيع الأدوية على القطاعين العمومي والخاص، وفيما يقوم القطاع الخاص بسداد مستحقات الصيدلية المركزية مباشرة، فإن المؤسسات الصحية العمومية من مستشفيات وصناديق الضمان الاجتماعي تعاني من أزمة مالية راكمت ديونها غير المستوفاة لدى الصيدلية المركزية ما سبب عجزاً لهذه الأخيرة تجاوز 850 مليون دينار.
من جانب آخر، قررت النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة، تنظيم وقفة احتجاجية يليها إضراب عام بجميع الصيدليات، للتعبير عن اعتراضها على مضامين مشاريع قوانين منظمة للقطاع كانت وزارة الصحة تقدمت بها دون إشراكها، وبسبب تردي قطاع توزيع الأدوية والأزمة الخانقة التي يمر بها.