مع استمرار العزل الصحي لبعض المناطق التي تقطنها العمالة الوافدة في الكويت، وتواصل عمليات التسريح من الجهات الحكومية والقطاع الخاص وخفض الأجور، دخلت أزمة تراكم الإيجارات على مئات الآلاف من الوافدين النفق المظلم، الأمر الذي دفع ملاك العقارات إلى التهديد بطرد السكان في حالة عدم دفع الإيجارات المتأخرة منذ بداية أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد.
وحذر مصدر قضائي كويتي في حديث مع "العربي الجديد" من تجاهل أزمة الإيجارات لدى مئات الآلاف من الوافدين حيث ستتكدس في المحاكم آلاف القضايا التي سترهق المرفق القضائي خصوصا في ظل تأخر عدد كبير من القضايا الأخرى بسبب توقف الأعمال والأنشطة الحكومية خلال الأشهر الماضية.
وأكد المصدر الذي رفض ذكر اسمه ضرورة تدخل الحكومة ومجلس الأمة الكويتي لحل الأزمة بين ملاك العقارات والمستأجرين، مشيرا إلى ضرورة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر خلال الفترات التي تشهد ظروفا قهرية أو أحداثا غير متوقعة مثل جائحة كورونا.
وتداول النشطاء صورا ومقاطع مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر طرد السكان من منازلهم بينهم عائلات المقيمين في المناطق المعزولة صحيا وغيرها من المناطق الأخرى التي يقطنها الوافدون بسبب عدم سداد الإيجارات منذ 4 أشهر، فضلا عن قيام بعض الملاك بقطع الكهرباء والماء عن العقارات لإجبار السكان على دفع الإيجارات أو إخلاء الشقق السكنية.
من جانبه، دعا قيس الغانم أمين سر اتحاد ملاك العقار "منظمة غير حكومية"، ملاك العقارات والشركات العقارية إلى تفهم الظروف الاستثنائية التي تمر بها الكويت، وجميع دول العالم وعدم التعسف في معالجة قضية تأخر الإيجارات مؤكدا في الوقت نفسه أن التصعيد واللجوء إلى المحاكم لن يكون الحل الأمثل.
وقال الغانم خلال اتصال هاتفي لـ "العربي الجديد" إن هناك ما يقارب من 280 ألف شقة سكنية خالية بسبب أزمة كورونا، حيث اضطر الآلاف إلى ترك بيوتهم، فضلا عن مغادرة عشرات الآلاف الكويت خلال الأشهر الماضية بسبب مخالفة الإقامة أو إنهاء خدماتهم وتسريحهم من أعمالهم.
وبادر عدد كبير من الشركات وملاك العقارات بإعفاء المستأجرين أو اعتماد تخفيض الإيجارات بنسب وصلت إلى 50 في المائة، كما لجأ البعض إلى تقسيط الإيجارات المتأخرة للسكان، فيما رفض غالبية ملاك العقارات إعفاء المستأجرين أو تخفيض الإيجارات.
وكان قد قدم أعضاء في مجلس الأمة الكويتي مقترحاً لقانون بشأن معالجة أوضاع المتعاقدين بعقود الانتفاع بالإيجار أثناء الظروف الطارئة، ينص على الإعفاء من الإيجارات 6 أشهر في الظروف الطارئة، وتخفيض 60 في المائة على إيجار الشهور الستة اللاحقة.
كما تضمن مقترح القانون أنه في كل الحالات لا يجوز للمؤجر أن يلزم المستأجر بإخلاء العين المؤجرة بعد وقوع الظروف الطارئة وطوال مدة السنة المقررة للإعفاء وخفض الأجرة، وكذلك فيما لو استمر الأثر المترتب وفق قرارات صادرة عن مجلس الوزراء لمدة أطول تحول دون الانتفاع بالعين المستأجرة.
على جانب أخر، أكد الخبير الاقتصادي الكويتي مروان سلامة لـ "العربي الجديد" أن أزمة دفع الإيجارات سينتج عنها مشكلات اقتصادية كبيرة، مؤكدا أن إخلاء العقارات من السكان الذين تخلفوا عن السداد سيعقد أزمة الركود العقاري التي تشهدها الكويت، لافتا إلى أن تعافي سوق العقارات سيصب في مصلحة الاقتصاد.
وأضاف سلامة أن أزمة الإيجارات أصبحت قنبلة موقوتة، في الوقت الذي تأخرت فيه الحكومة كثيرا في التعاطي مع ملف الإيجارات في السكن الخاص، مشددا على ضرورة إيجاد حلول تتفهم ظروف الوافدين، وأيضا ملاك العقارات الذين لديهم التزامات شهرية وأقساط يقومون بسدادها للبنوك.