تتواصل الأزمة داخل الحزب الحاكم في تونس، "نداء تونس"، ففي وقت دعت مجموعة من قيادات الحزب إلى تشكيل "هيئة وطنية للإنقاذ"، دعت أخرى المنشقين إلى طرح مبادرتهم الإصلاحية ولمّ الشمل.
وعقدت مجموعة من قيادات "نداء تونس"، تسمي نفسها مجموعة "الإصلاح والإنقاذ"، اجتماعاً بمحافظة سوسة، وأصدرت بياناً ضم مجموعة من النقاط، أهمها الدعوة إلى تشكيل "هيئة وطنية للإنقاذ" في الحزب، ووضع خارطة للطريق.
وتوازياً، عقدت مجموعة تتبع نجل رئيس الحزب، الباجي قائد السبسي، حافظ قائد السبسي، اجتماعاً في سوسة أيضاً، دعت خلاله المنشقين عن الحزب إلى طرح مبادراتهم الإصلاحية، ولمّ الشمل.
وقال القيادي في "نداء تونس"، وأحد المشاركين في اجتماع مجموعة "الإصلاح والإنقاذ"، بو جمعة الرميلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اجتماعات المجموعة تهدف إلى إنقاذ الحزب"، موضحاً أنّ اجتماع سوسة خصص لمحافظات الساحل، وستليه اجتماعات في قفصة والجنوب التونسي.
وكشف الرميلي، أنّ مجموعة "الإصلاح والإنقاذ"، ستعقد لقاء وطنياً لجمع الهياكل والنواب، لإخراج الحزب من أزمته، والتي "يجب ألا تستمر أكثر من ذلك".
ورأى الرميلي أنّ أزمة "نداء تونس" لم تعد "شأناً داخلياً"، وإنما تهم جميع الأطراف، "لا سيما أنّ الحزب هو الحزب الحاكم في تونس"، معتبراً أنّ هذا الأمر يمكّن الحزب من تفعيل برنامجه والقيام بالإصلاحات الكبرى التي يتطلبها الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، بدل تحوّله إلى حزب "مشلول" لا يقدم اقتراحات أو حلولا.
وأكد القيادي في نداء تونس، أنّ أبرز مطالب مجموعة "الإصلاح والإنقاذ"، هو إلغاء خطة الإدارة التنفيذية للحزب، والتي يشغلها حالياً السبسي الابن، وتكوين هيئة تنسيقية توافقية تتولى قيادة الحزب، وتشرف على الإعداد للمؤتمر الوطني وتنظيمه، ضمن مهلة أقصاها مارس/آذار 2017.
وبيّن الرميلي، أنّ القيادة الحزبية، والتي تسير وفق خطة مدير تنفيذي يشرف عليه السبسي الابن، لم تعد تتماشى مع الإصلاحات المرجوة داخل الحزب، بسبب "الانفراد بالقرار وغياب الحوار".
وأكد الرميلي أنّ المطلوب "تصحيح المسار، وتشكيل هيئة جديدة من عدد محود من الأعضاء يكون حولهم توافق وإجماع، رافضاً تسمية مجموعة "الإصلاح والإنقاذ"، بـ"المنشقين"، مشيراً إلى أنّ أعضاءها من أبرز المؤسسين لحزب "نداء تونس".
وقال الرميلي إنه كان من الأنسب النظر في المقترحات التي قدمتها مجموعة "الإصلاح والإنقاذ"، في اجتماعها، عوض التشويش عليها، منبّهاً إلى أنّ استمرار المشاكل داخل "نداء تونس" ستكون لها "كلفة باهظة جداً" على التونسيين، داعياً الجميع إلى تحمّل المسؤولية.
وفي الجهة المقابلة، قال المدير التنفيذي لحزب "نداء تونس"، حافظ قائد السبسي، على هامش إشرافه، أمس الاثنين، على الاجتماع الدوري للمجلس الفرعي للحزب في ولاية منوبة، إنّ "على المنسلخين والمنشقين عن الحركة من قيادات وغيرهم، طرح مبادراتهم الإصلاحية ورؤاهم داخل الحزب وليس خارجه، واحترام نتائج مؤتمر الوفاء بسوسة، والتقيّد بالمسار الديمقراطي".
ودعا السبسي الابن، الجميع إلى "تحمّل مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية، والابتعاد عن المصالح الضيّقة، وتغليب مصلحة الوطن، مع الحرص على ضمان استقرار الحزب ودعمه، بعيداً عن حملات التشكيك ومحاولات التفكيك".
وقالت النائبة عن "نداء تونس" أُنس الحطاب، في كلمة خلال الملتقى الإقليمي المنعقد بسوسة، أمس الاثنين، إنّه "يجب الدفاع عن مصلحة نداء تونس، خاصة أنّ وضعه الحالي يبعث على القلق"، مضيفة أنّه "لا يمكن الدعوة إلى مؤتمر داخلي إلا من قبل ثلثي القيادة والمؤتمرين، أو بالدعوة إلى حل مشكل القيادة في الهيئة التنفيذية".
وأكدت أنّه "يجب ألا يكون هناك اليوم نداءان"، داعية إلى جمع القيادات وتغليب المصلحة الوطنية.
ويبدو أنّ التجاذبات السياسية التي يعيشها الحزب الحاكم، أثرت على أعضائه، وعلى عدد من النواب، ممن اختاروا مراقبة ما يحدث من بعيد، دون التحيّز إلى أي طرف.
فرئيس كتلة "نداء تونس" السابق، الفاضل عمران، والذي كان مرشحاً إلى مناصب قيادية هامة، اختار عدم الانحياز إلى أي طرف، قائلاً إنّ "نفس هذا الشعور أصبح يسيطر على عدد من نواب نداء تونس".
وأكد عمران، لـ"العربي الجديد"، أنّه لم يحضر أي اجتماع من اجتماعات سوسة، و"لا يعرف صراحة ما يحصل داخل النداء لعدة أسباب".
وشدد عمران، على أنّه يفضّل أن يؤدي واجبه كنائب اختاره الشعب، بعيداً عن الاجتماعات واللقاءات التي يطلقها البعض، خاتماً بالقول إنّه "لم أعد أبالي كثيراً بالعديد من التصريحات والتجاذبات، من هذا الطرف أو ذاك، إلى حين أن تتضح الرؤية".