يهدد تواصل ما بات يعرف إعلامياً بـ"أزمة رئيس البرلمان الجزائري"، بتعطيل تمرير الموازنة العامة للسنة المقبلة، إذ تصر غالبية النواب على تجميد عمل المؤسسة التشريعية حتى استقالة رئيس البرلمان السعيد بوحجة، بسبب ما تصفه بسوء التسيير.
في حين لا تزال موازنة 2019 بلا إقرار، منذ مصادقة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على مسودتها في 26 سبتمبر/أيلول الماضي.
وقد بلغ عدد النواب الذين احتجوا ضد رئيس المجلس 351 نائباً ينتمون إلى أحزاب موالية للسلطة، هي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية إضافة إلى كتلة الأحرار.
وقد قرر رؤساء هذه المجموعات البرلمانية تجميد جميع أنشطة كل هياكل المجلس الشعبي الوطني، حتى قبول رئيسه السعيد بوحجة التنحي من منصبه، وذلك بعد اجتماعهم يوم الأربعاء الماضي.
وبحسب وزير العلاقات مع البرلمان، بدة محجوب، فإن "الحكومة الجزائرية لم ترسل بعد مسودة الموازنة العامة للبرلمان"، وأضاف محجوب في تصريح له يوم الخميس الماضي، أن "الحكومة تفضل التريث قبل إرسال مشروع قانون الموازنة العامة حتى انفراج الأزمة".
إلا أن النائب عن جبهة العدالة والتنمية من التيار الإسلامي لخضر بن خلاف كشف لـ "العربي الجديد" أن "الحكومة أحالت الموازنة العامة لسنة 2019 إلى مكتب رئيس البرلمان السعيد بوحجة يوم الأحد 30 سبتمبر/أيلول، عكس ما صدر عن وزير العلاقات مع البرلمان".
وأضاف بن خلاف أن "المسودة لم توزع على النواب ولا على اللجنة المالية بالبرلمان لمناقشتها، وذلك بسبب تجميد نواب أحزاب الموالاة (الأغلبية داخل لجنة المالية) نشاطهم حتى إشعار آخر".
وفي السياق ذاته، قالت النائب عن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (التيار الديمقراطي) فطة سدات، إن "تجميد عمل البرلمان لم يرد في الدستور الجزائري ولا في القانون الداخلي للبرلمان، وبالتالي نحن أمام دوسٍ صارخٍ على قوانين الجمهورية من طرف أحزاب السلطة".
وأضافت المتحدثة نفسها، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "نواب الموالاة فضلوا مصلحتهم الشخصية والحزبية على مصلحة البلاد، ولا ندري بعد ما هو مصير الموازنة العامة للسنة المقبلة، هل ستعرض علينا لمناقشتها، أم ستمرر بأمر رئاسي كما رسمت الحكومة الجزائرية".
ويمنح الدستور الجزائري في المادة 138 مهلة 75 يوماً للبرلمان من أجل المصادقة على قانون المالية بدءاً من تاريخ إيداعه، وفي حال انتهاء المهلة، يمنح الدستور وفق المادة ذاتها لرئيس البلاد حق تمرير الموازنة بأمر رئاسي مباشرة من دون مصادقة البرلمان عليها.
بدوره، قال النائب والقيادي في جبهة التحرير الوطني (تحوز على أغلبية المقاعد البرلمانية) سعيد لخضاري إن "أزمة البرلمان ستُحل قريباً، وستحال مسودة الموازنة العامة إلى النواب، ولدينا الوقت الكافي لمناقشتها والمصادقة عليها".
وأضاف لخضاري، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "وفي أسوأ الأحوال يمكن للرئيس بوتفليقة أن يمرر مشروع القانون مباشرة بأمر رئاسي وفق ما ينص عليه الدستور الجزائري، وهذا لا يعتبر تعديا على صلاحيات البرلمان بل بالعكس، وذلك يعتبر ضمانة للمصلحة العليا للبلاد".
ووفق البيانات، يستحوذ دعم العائلات والسكن والصحة على نحو 64 في المائة من إجمالي ميزانية الدعم.
كما أظهرت مسودة الموازنة العامة الجزائرية للسنة المقبلة تشاؤماً غير مسبوق، فالأرقام التي قدمتها حكومة أحمد أويحيى تعدّ استمراراً لسنوات "عجاف" يعيشها الجزائريون، وقد تتواصل في المستقبل؛ إذ قررت الحكومة، بداية من العام المقبل، العودة إلى سياسة ترشيد النفقات وضبط الإنفاق العام، بعد الزيادة الكبيرة للنفقات هذه السنة والمقدر ارتفاعها بـ 21 في المائة مقارنة بـ2017، بحسب تقديرات وزارة المالية.
وبحسب مسودة مشروع الموازنة، سينخفض الإنفاق العام إلى حدود 8500 مليار دينار (75 مليار دولار)، مقابل 8650 مليار دينار هذه السنة (76.5 مليار دولار)، وأجلت الحكومة قرار خفض الإنفاق بشكل أكبر إلى عامي 2020 و2021، وهي السنة التي حددتها الحكومة الجزائرية لبلوغ التوازن المالي.
أما في ما يتعلق باحتياطي الصرف، تشير توقعات الحكومة الجزائرية إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي ليبلغ 62 مليار دولار في نهاية 2019، مقابل 85 مليار دولار عند نهاية السنة الحالية.