وسبق لدول مجلس التعاون الخليجي أن مرت بعدد من الأزمات الرئيسية عسكرياً وعبرتها بنجاح وعلى رأسها حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية الإيرانية)، والتي ابتدأت عام 1980 وانتهت عام 1988، بالإضافة إلى حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي) عامي 1990 و1991. أما على الصعيد الدبلوماسي فتأتي أزمة الخليج هذه كثالث أكبر أزمة في تاريخ دول مجلس التعاون.
وفي أثناء الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي تعرضت المدن الخليجية إلى أعمال إرهابية نتيجة موقف دول مجلس التعاون في دعم نظام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، خوفاً من المد الإيراني في المنطقة بعد انتصار مشروع الخميني في إيران، والذي أعلن فيه خطته لتصدير الثورة نحو الضفة المقابلة للخليج العربي. وتعرضت الكويت إلى سلسلة من العمليات الإرهابية حينها استهدف أحدها موكب أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح حيث أصيب بجروح متفرقة، لكنه نجا منها كما تعرضت ناقلات النفط الخليجية لعمليات انتقامية إيرانية. كما مولت إيران عدداً من العمليات العسكرية التي استهدفت السواحل الخليجية العربية.
وبعد انتهاء شبح الحرب الإيرانية العراقية فوجئت دول مجلس التعاون الخليجي بقيام النظام العراقي بقيادة صدام حسين بغزو الكويت عام 1990 واحتلاله منطقة الخفجي السعودية المحاذية للكويت وإطلاقه للصواريخ على مدن السعودية، وهو ما دعا دول مجلس التعاون الخليجي لخوض الحرب بكافة قواتها للمرة الأولى بالتعاون مع التحالف الدولي، حيث تولى الجيش القطري حينها تحرير مدينة الخفجي السعودية وساهم مساهمة فعالة هناك. كما تولت قوات درع الجزيرة (قوات خليجية مشتركة) تحرير الكويت.
ومنذ تأسيس منظومة مجلس التعاون الخليجي عام 1981 اندلعت خلافات حدودية هامشية بين جميع الدول الخليجية، تركز غالبها على آبار النفط المشتركة أو السواحل المطلة على الخليج، بالإضافة إلى تمويل سعودي لمحاولة انقلاب في قطر منتصف تسعينيات القرن الماضي ومحاولة الإمارات نشر شبكة تجسس في عُمان عام 2009، لكن هذه الخلافات جرى تجاوزها بسهولة ولم تخرج إلى الإعلام بشكل واضح.
لكن الأزمة الخليجية التي انفجرت على خلفية قيام دول (السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة لمصر) بفرض الحصار على قطر بعد اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية وبث تصريحات مفبركة نسبت لأمير قطر، والقيام بمحاولات فاشلة للحد من استقلالية القرار القطري في السياستين الخارجية والداخلية، تمثل أكبر تهديد يمر به الخليج كون هذا الخلاف يأتي من داخل المنظومة نفسها بالإضافة إلى أنه أصبح أزمة عالمية اشتركت فيها القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران والقوى الدولية مثل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وروسيا.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، فيصل أبو صليب، لـ"العربي الجديد" إنّ "هذا الخلاف سينتهي كما انتهى غيره بوساطة من أمير الكويت لكن آثاره الطويلة ستبقى في ذاكرة الخليج بسبب الحرب الإعلامية الشرسة والمتبادلة علنياً بالإضافة إلى محاولات تصوير الصراع على أنه صراع شعبي".
وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وعميد الدبلوماسية الخليجية الذي عاصر كافة أحداث المنطقة وعلى رأسها حربا الخليج الأولى والثانية، قد دعا إلى وساطة بين الدول الخليجية مطالباً إياها بالجلوس على طاولة الحوار وألزم دول الحصار التي لم تكن تنوي حضور القمة الخليجية كما ورد على لسان ملك البحرين، عيسى بن حمد، التواجد في الكويت يومي 5 و6 ديسمبر/ كانون الأول، وذلك للمحافظة على كيان دول مجلس التعاون من الانهيار بفعل الأزمة.
ويقول الأكاديمي والباحث السياسي عبد الرحمن المطيري، لـ"العربي الجديد" إن "الجميع متفائل بأن الأزمة ستمضي لأن الاتحاد في الخليج هو اتحاد شعوب قبل أن يكون اتحاد دول، وأمير الكويت كان واضحاً في كلامه بأن انتهاء الأزمة سيكون بدون مساس بسيادة أي دولة أي أنه قال بكل صراحة إن الأزمة ستنتهي بدون الشروط الـ13 التي تحاول دول الحصار إملاءها على قطر".