يعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طرفاً في الحملات الانتخابية التركية، داعماً حزب "العدالة والتنمية"، وسط تأكيد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن البلاد لن تحتمل إجراء انتخابات ثالثة. يأتي ذلك بعدما شهدت الأيام الأخيرة انتعاشاً للمعركة مع حركة "الخدمة" أو الكيان الموازي كما تطلق عليها الحكومة التركية، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العامة المقررة غداً في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، والتي ستكون مصيرية لناحية عودة "العدالة والتنمية" للتفرّد بالحكم من عدمها.
وعلى الرغم من أن مشاركته المواربة في الحملات الدعائية لصالح "العدالة والتنمية" في الانتخابات السابقة في يونيو/حزيران الماضي سبّبت سجالاً كبيراً داخل الحزب، وبين الأخير وباقي أحزاب المعارضة، إلا أن أردوغان، وأمام الوضع الحرج الذي يمر به الحزب لناحية عودته للتفرد بالحكم، اختار العودة للمشاركة في الحملات الانتخابية.
وبينما كانت مشاركته في الانتخابات السابقة تتركز على إلقاء الخطب أثناء المشاركة في افتتاح منشآت ومؤسسات جديدة في مختلف الولايات، إلا أن هذه المرة كانت المشاركة عبر المقابلات شبه اليومية التي يجريها مع القنوات التلفزيونية التركية المختلفة.
وأكد أردوغان، يوم الخميس، خلال مشاركته في حفل استقبال في القصر الرئاسي بمناسبة الذكرى الـ92 لإعلان الجمهورية التركية، أن الجميع سيحترمون ما تفرزه صناديق الاقتراع مهما كانت النتائج، ولكنه أبدى تفضيله لحكومة الحزب الواحد، قائلاً: "عندما ننظر إلى المجتمعات في العالم، حيث يوجد الاستقرار والثقة، فنحن لا نميل لرؤية الحكومات الائتلافية، بل على العكس نرى حكومة حزب واحد، أياً كان الحزب"، مضيفاً: "إن اختارت أمتنا حكومة الحزب الواحد، عندها أظن بأنها ستكون الأرضية لاستعادة مناخ الثقة والاستقرار الذي عشناه خلال الـ13 عاماً الماضية"، في إشارة إلى تفرّد حكم "العدالة والتنمية" في الحكم منذ 2002.
يأتي هذا بعد أيام، من قيام أردوغان بشن هجوم كبير على حزب "الشعوب الديمقراطي" (ذو الغالبة الكردية) من دون تسميته، متهماً إياه بكونه جناحا سياسيا لحزب "العمال الكردستاني" وداعم للإرهاب، حتى أنه قال إن عدداً من الذين كانوا يديرون الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي باراك أوباما، يشاركون في حملة حزب "الشعوب الديمقراطي" الانتخابية. هذا الأمر رد عليه رئيس "الشعوب الديمقراطي" صلاح الدين دميرتاش عبر تغريدة على موقع "تويتر" وجّهها إلى حساب أوباما، ساخراً بالقول: "هل هناك شيء من هذا القبيل، ولم تخبر أحداً يا ظالم؟".
اقرأ أيضاً: عشية الانتخابات التركية... لا صوت يعلو فوق المزايدات القومية
من جهته، أكد داود أوغلو أن تركيا لن تحتمل اللجوء إلى انتخابات برلمانية ثالثة، وذلك بعد الجدل الذي أشعلته تصريحات نائب رئيس "العدالة والتنمية" أحمد علي شاهين، حول احتمال اللجوء إلى انتخابات ثالثة، في حال أفرزت الانتخابات الحالية مشهداً سياسياً لا يستطيع تجاوز الاستعصاء السياسي الحالي.
وقال داود أوغلو، في مقابلة أمس الجمعة، مع إحدى القنوات التلفزيونية التركية الخاصة: "لا يوجد شيء كهذا على جدول أعمالنا، أعتقد أن تركيا لن تحتمل انتخابات ثالثة"، مضيفاً، في تقييمه لمحاولات تشكيل الحكومة بعد الانتخابات السابقة: "لقد رجّحنا ائتلافاً واضحاً، ولكن إخوتنا من المعارضة واجهونا بطريقة: لقد أدرتم حكومة دمرت البلاد لأكثر من 13 عاماً، ونحن الآن قادمون للإصلاح"، متسائلاً: "عن أي توافق يتحدثون؟".
في غضون ذلك، استمر الجدل السياسي بعد قيام الشرطة التركية باقتحام مقر مجموعة شركات "كوزا إيبك" التركية الموالية لحركة "الخدمة" بقيادة فتح الله غولن، والتي تدير 23 شركة من بينهما قناتان تلفزيونيتان وصحيفتان، وقطع بث القناتين التلفزيونيتين اللتين تديرهما المجموعة وهما "بوغون" و"كانال تورك".
جاء ذلك بعد أن أمر المدعي العام في أنقرة، يوم الإثنين الماضي، بوضع أوصياء في مجلس إدارة كل الشركات التابعة لمجموعة "كوزا إيبك"، بما فيها القناتان وصحيفتا "بوغون" و"ملّت" اليوميتين، في وقتٍ تستمر فيه التحقيقات بعلاقة المجموعة مع "الكيان الموازي".
وفيما اعتبرت المعارضة التركية القرار بأنه مخالف للقانون التركي، ويقيّد حرية الإعلام في البلاد، أكد داود أوغلو أن القرار قضائي ولا علاقة للحكومة به، قائلاً: "إن اتهام الحكومة والسلطة التنفيذية للبلاد بينما تستمر العملية القانونية هو أمر غير صحيح، أنا أقولها بشكل واضح وصريح إن العملية برمتها هي عملية قانونية، لم نتدخل من طرفنا في ذلك إطلاقاً". ودعا داود أوغلو إلى احترام القضاء، معتبراً أنه "من غير المقبول أن تُقيّم أي قرار قضائي وفقاً لوجهة نظرك الخاصة، حتى لو أن بعض المهن لا يمكن المساس بها، وبطبيعة الحال هناك حرية صحافة في تركيا، ومن المؤكد أنه علينا احترام ذلك".
اقرأ أيضاً: أردوغان يهنئ بعيد الجمهورية..وفتح الله غولن على القائمة الحمراء