وتأتي تلك التطورات بعد إظهار أنقرة دعمها الواضح والعلني لعملية "عاصفة الحزم"، التي تقودها السعودية ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن، في تحوّل واضح في السياسة الخارجية التركية تجاه إيران، وذلك قبل أيام من زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى طهران مطلع أبريل/نيسان المقبل.
وكان أردوغان قد حذر إيران، أمس الجمعة، من محاولة السيطرة على الشرق الأوسط، قائلاً إن "إيران تحاول السيطرة على المنطقة، وهذا الأمر يزعجنا ويزعج السعودية وباقي دول الخليج". وشدد أن "على إيران تغيير وجهة نظرها، وسحب كل قواتها من اليمن وسورية والعراق، واحترام سيادة تلك الأراضي ووحدتها".
وأضاف أردوغان أن "تصريحات إيران الأخيرة بشأن الأحداث في اليمن طبيعية، وتوضح ماذا فعلته حتى الآن في التطورات الجارية في سورية والعراق. تبدو إيران وكأنها تريد أن تجعل المنطقة تحت هيمنتها وسيطرتها، فهل يُمكن السماح لها بذلك؟".
اقرأ أيضاً: ما بعد قمة سلمان أردوغان: أقلّ من تحالف
ويبدو التغير في الموقف التركي تجاه طهران تعبيراً عن التغيير الواضح في استراتيجية أنقرة في إدارة ملفاتها الخارجية، والتخلّي عن استراتيجية "القوة الناعمة" نحو المواجهة، الأمر الذي كان قد عبّر عنه أردوغان، قبل أيام قائلاً "ستواصل تركيا جهودها إزاء التطورات في سورية والعراق، مستخدمة كل الإمكانيات الدبلوماسية. ولكننا على علم بأننا ما لم ندعّم قوتنا السياسية والدبلوماسية بالقوة العسكرية، فلن نحصل على النتيجة المنشودة".
وفي السياق، تقوم القوات الخاصة التركية، بحسب تقارير إعلامية تركية، بالعمل على تدريب قوات عراقية، في إطار اتفاق جرى مع الحكومة العراقية أثناء الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الدفاع التركي عصمت يلماز إلى كل من بغداد وأربيل، إضافة إلى "البيشمركة" وقوات أخرى من تكريت والموصل معظمها من التركمان، وقوات تركمانية سورية، لكن في موقع ضمن الأراضي السورية لم يتم الكشف عنه لدواعٍ أمنية.
ويتماشى الموقف التركي مع الانفراجات التي حصلت في العلاقات التركية السعودية، منذ تسلّم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الحكم خلفاً لأخيه عبدالله، وزيارة أردوغان إلى المملكة في وقت سابق من الشهر الحالي، والتي دشّنت رحلة عودة العلاقات إلى سابق عهدها.
ويبدو أنه تمّ التوافق أثناء الزيارة على عدد من المسائل، أهمها تخفيف العداء التركي تجاه مصر، وإنهاء الأزمة في ليبيا، وتولي أنقرة دوراً أكبر في إدارة الأزمة في سورية، عبر التوافق على تولّي خالد خوجة المقرب من الأتراك، رئاسة "الائتلاف" الوطني المعارض وتدريب قوات المعارضة السورية، لتتفرغ السعودية بدورها لضرب الحوثيين في اليمن. كما شدد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو وأردوغان، أن "كل ما قام به الحوثيون في اليمن هو تكريسهم الصراع المذهبي، فالوضع تحول في البلاد لصراع بين الشيعة والسنة. ونحن لا ننظر بشكل إيجابي لأي صراع من هذا النوع، ونعارضه بشدة".
وفي ظلّ اعتماد تركيا سياسة براغماتية متلائمة مع المصالح الغربية، منذ إعلان الجمهورية، لا يُمكن اعتبار الدعم التركي للرياض، وعرض أنقرة تقديم دعم لوجستي حتى لعملية "عاصفة الحزم"، إعلاناً لـ"حلف سنّي" في المنطقة في مواجهة إيران، بقدر ما يُمكن اعتباره توافقاً مع حلفاء تركيا الغربيين في حلف الأطلسي، المنزعجين من ازدياد النفوذ الإيراني. ووسط دعم واشنطن ولندن وباريس الكامل للعملية، كشف وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، أمس، بأن بريطانيا ستقوم بتدريب قوات المعارضة السورية المعتدلة في تركيا.
اقرأ أيضاً: تركيا تسمح باستخدام قواعدها الجوية لضرب "داعش"