انتهاكٌ جديدٌ لحرية الصحافة في لبنان سجّل يوم الإثنين في شارع الحمرا - بيروت، عند اعتراض عنصرين بلباسٍ مدني عرّفا عن نفسيهما أنهما من مخابرات الجيش، فريق عمل قناة "فرانس 24" ومراسلة محطة "الشرق" مها حطيط، وطلبا الحصول على ترخيص مسبق للسماح لهما بإجراء مقابلات صحافية مع المواطنين في المكان المذكور.
ونقلت مؤسسة عيون سمير قصير "سكايز"، في تقريرٍ أعلنت فيه عن الواقعة، عن مراسل "فرانس 24" في لبنان، شربل عبود، قوله إنّه "أثناء قيامنا بمقابلات مع مواطنين لبرنامج في فلك الممنوع، اعترضَنا عنصران بلباس مدني عرّفا عن نفسيهما أنهما من مكتب مخابرات الجيش اللبناني، وطلبا بطاقتي الصحافية وهوّيتي وقاما بتصويرهما، فاعترضت على ذلك وأخبرتهما أنني صحافي وأمارس العمل الصحافي في لبنان منذ عام 2001، وأن ما يقومان به مخالف للقوانين، خصوصاً وأنهما بلباس مدني وليسا مخوّلين القيام بذلك". وأضاف: "أجريت اتصالاً بعقيد في مديرية التوجيه الذي أشار إلى أنه نظراً إلى الأوضاع الراهنة هناك إجراءات جديدة، وبعدها أعادوا إليّ بطاقتي الصحافية وهويتي وطلبوا رقم هاتفي وأعطوني أرقامهم للتواصل معهم والحصول على ترخيص مسبق قبل تصوير مقابلات مع المواطنين في الشارع، مع الإشارة إلى أن الأمر ذاته حصل مع الزميلة مها حطيط وفي المكان نفسه".
بدورها، أوضحت حطيط، في معرض ردّها على الخبر المنشور في "سكايز"، أنه لم يتم منعهم من التصوير، لكن طُلِبَ منهم الالتزام بالإجراءات الجديدة في المرات المقبلة.
وتواصل "العربي الجديد" مع مديرية التوجيه في الجيش اللبناني، التي أشارت إلى أنّ هناك تعميماً صادراً عن المديرية بتقديم طلب خطي لديها للحصول على ترخيص تصوير، يكون موقّعاً من صاحب العلاقة، ويتضمّن موضوع العمل ومكان وزمان التصوير والغاية المنشودة منه على أن يوقع من السلطة صاحبة العلاقة مع رقم الهاتف للتمكن من التواصل معه، وهناك مستندات خاصة مذكورة في التعميم تطاول اللبنانيين، والأجانب الزائرين، وكذلك المقيمين منهم.
وقال المصدر إنّ التعميم ليس جديداً، مضيفاً "معظم الصحافيين تقدموا بطلبات خطية عند إجراء تغطيات في الشارع، وأسماؤهم مدونة في الملفات، وهذه الخطوة تهدف إلى حماية مخابرات الجيش للمراسلين والمصورين والصحافيين بشكل عام من كل حادث يمكن أن يتعرّضوا له في الشارع والأماكن العامة خلال قيامهم بعملهم"، على حد زعمه.
من جهته، يؤكد المحامي والعضو المؤسس في "المفكرة القانونية"، نزار صاغية، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنّ هذه التعاميم لا يمكن وضعها إلا في إطار الإجراءات التعسفية، إذ لا قانون يمنع الصحافيين من التصوير أو يفرض عليهم الاستحصال على إذن مسبق، خصوصاً في الشارع والأماكن العامة، الأمر الذي يضع علامات استفهام كبيرة حول الهدف من وراء التعميم وطلب إذن التصوير.
ويلفت صاغية إلى أنّ الأذونات تقع أيضاً في إشكالية تعدد المراجع التي تمنح التصاريح التي باتت مرتبطة بأصحاب النفوذ، سواء في الضاحية الجنوبية لبيروت أو في "سوليدير" أو أمام السرايا الحكومي وغيرها من المناطق والأماكن والمقار التي لكل منها مرجع يعتبر نفسه مخولا منح إذن للصحافيين بهدف التغطية. ويشدد على أنّ أي توقيف لصحافي في الشارع أو منعه من التصوير هو تصرف تعسفي، ولا نص قانون ينظم ذلك، في تصرف يتعارض أيضاً مع مبدأ الحريات الإعلامية.