أذن من طين وأخرى من عجين

01 اغسطس 2015
تكرر أبواق السلطة معزوفة "الخيار التفاوضي الاستراتيجي" (فرانس برس)
+ الخط -
حرص الناطق بلسان جيش الاحتلال في تصريحاته، بعد جريمة قتل الشهيد الرضيع علي دوابشة حول استعدادات جيش الاحتلال لمواجهة احتمالات اشتعال الأرض المحتلة، على الإشارة إلى أن جيش الاحتلال يعمل بتنسيق كبير مع قوات الأمن الفلسطينية، لمنع تفاقم الأوضاع. ويعيد هذا الحرص وهذا التصريح من جديد طرح السؤال المحوري حول واجبات "السلطة الفلسطينية" تجاه شعبها، وطريقها لتحقيق هذه الواجبات والأهداف.

وبالرغم من أن كثيرين غيرنا، وعند محطات كثيرة، مر بها الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة، سواء في الضفة الغربية أم قطاع غزة، أم القدس المحتلة، طالبوا سلطة رام الله بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، والاهتمام أولا بتوفير الأمن للفلسطينيين، كخطوة أولى لضمان قدرة الشعب الفلسطيني على الثبات، على الأقل في فترة تحييد مشروعه التحرري، إلى أن تسمح الظروف (كاندلاع انتفاضة ثالثة) لتغيير الحال، إلا أن سلطة رام الله جعلت أذنا من طين وأخرى من عجين، وصمت أذنيها عن هذه الدعوات وكررت وأبواقها كتنابلة السلطان في العهد العثماني ترديد شعارات "الخيار التفاوضي الاستراتيجي"، والصد عن كل تحرك أو بادرة أو فكرة للعودة إلى طريق التحرير، أو على الأقل فحص خيارات أخرى قد تكون متاحة للشعب الفلسطيني.

في مقابل أذن الطين، والعجين التي تسلحت بها سلطة رام الله، واصلت إسرائيل وحكوماتها المتعاقبة، منذ عدوان الرصاص المصبوب على غزة، فيما وقفت رام الله موقف المتفرج، الإمعان في سياساتها العدوانية والإجرامية في القتل والتصفيات، إلى جانب قضم أراضي الضفة الغربية وبناء المستوطنات لتقطيع أوصالها، ومنع أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية "قابلة للحياة". إذا كان التحرير هو الهدف الأسمى للشعب الفلسطيني، فإن المطالبة بالحماية الدولية والسعي لتوفيرها، في ظل قصر ذيل سلطة رام الله، يجب أن تكون الهاجس الأول لسلطة رام الله والشغل الشاغل لها، وليس مواصلة التنسيق الأمني مع الاحتلال وضرب أي تحرك لتجديد المقاومة الفعلية للاحتلال.