وحملة الحقد والكراهية التي تستهدف مجتمعات الهجرة واللجوء في أوروبا، في سياق بروباغندا أذرع الكرملين التي تترافق وعمليات القرصنة الإلكترونية ونسج الأكاذيب، تشغل الصحف والسياسيين ومسؤولي الأمن في الغرب، منذ تدفق اللاجئين السوريين على ألمانيا والسويد، عبر بودابست، عاصمة حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رئيس الوزراء المجري، اليميني المتطرف فيكتور أوربان.
وهكذا، يدفع اللاجئون السوريون، منذ سبتمبر/أيلول عام 2015، أثماناً فادحة مضاعفة. إذ إن روسيا لم تساهم فقط في استهدافهم عسكرياً، بل واظبت أيضاً على ترويج الأكاذيب الإعلامية حول أسباب هروبهم، وزعمت حرصها على عودتهم، في استراتيجية "مكيافيلية" مخادعة، كأن الكرملين حريص على الغرب أكثر من قواه السياسية مجتمعة.
وهذه الاتهامات الموجهة إلى الكرملين تستند إلى تحليلات أمنية وتحقيقات صحافية وآراء اختصاصيين في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وتشير كلها إلى أن أذرع ألكسندر دوغين، رجل الكرملين في صياغة التضليل وخلق تحالفات مع قوى غربية، تركز على أكثر أنواع القوى السياسية رداءة ويمينية وفاشية في الغرب، للتحريض على اللاجئين السوريين.
إذ إن من أطلق على اللاجئين من سورية صفة "إرهابيين" لم يكن أوربان وحده. شواهد كثيرة مماثلة عن تلقف قوى الفاشية والنازية، وعموم التطرف الغربي، لمجمل التضليل الروسي وإعادة تدويرها كحقائق، عبر ما يسمى "وكالات أنباء". والأمر لم يقتصر على الغرب فحسب، إذ طاول حلفاء موسكو في دمشق وطهران وبيروت.
ليس فقط أن العصابات الفاشية، من إيطاليا واليونان وألمانيا، قاتلت في صفوف عصابات حاكم قصر المهاجرين مبكرًا من عمر الثورة السورية، بل جردة سريعة لأي قارئ مبتدئ للدعاية السياسية عن نوع السياسيين الذين يحتفي بهم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، زائرين من الغرب، إلى جانب الأخبار التحريضية، ستكشف له أن لا المهنية ولا الموضوعية ولا حتى المصدر العاشر يحضر في صياغة المشرفين على بروباغندا بوتين للزيف القائم على أكذوبة "تهديد اللاجئين الهمجيين للثقافة الغربية". فلا روسيا ولا وكيلها في دمشق ولا حلفاؤهم في المنطقة حريصون على تلك "الثقافة" أو على أحاسيس الألماني والسويدي أو حتى الفرنسي.
هذه الصورة تكاد تكون نفسها في الإعلام التابع لما يسمى "يسار عربي"، إذ يشاركون هم أيضاً في حفلة النفاق، مهاجمين الغرب من مساكنهم في هذا الغرب نفسه. يحملون فوقيتهم نحو الغرب "المتهم"، يضعون أصابعهم على أنوفهم تحاشياً للاجئين السوريين، فيما هم أنفسهم تفوح منهم كل روائح العطب السياسي والنفسي.