أخوة قطر
في ليلة حالكة، رأت قطر فيها منامًا، فقصته لأبيها: أنّ إحدى عشرة دولة هي عدد دويلات المنطقة مع شمسها الأميركية وقمرها الروسي وقعوا لها، وأباها التركي وأمّها الغزّاوية عاكفين خاضعين، أجاب الأب: يا قطر لا تقصصي رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا، سمعت الأخت المتوسطة المنام وأوصلته للشمس قبل القمر.
نادت أميركا على لسان ترامب وابنته إيفانكا العرب على عجل، في اجتماع بالرياض بالقرب من المدينة، عاصمة الإسلام ومكّة قبلة المسلمين، وقف ترامب أبو لهب العصر، خطيبا في حكام العرب، الذين جميعهم العاص بن وائل لهذا الزمان، من نصب نفسه ملكًا، واللّه وحده هو الملك.
فقال: يا معشر حكام العرب اسمعوا وعوا. والغائب يخبر الحاضر، والحاضر في حكم الله، يا عرب من حالفنا عاش، ومن خالفنا مات، وكل ماهو آت لا بدّ هو آت دبابات ومدرعات، صواريخ وطائرات، زوارق وبارجات، سيطرنا على البحار، واجتزنا الفيافي والقفار، وأطبقنا عليكم الحصار، وخيّرناكم إمّا الطاعة وإمّا الدمار، وفرضنا القرار، وأخيرًا استولينا على من في الدار، يا حكام العرب، نهبنا خيراتكم، وسفكنا دماءكم، وحاربنا إسلامكم، قبل أن ندنس مقدساتكم، فماذا أنتم قائلون؟!
إلى حكم العرب انتقلت الكلمة، ولأن صفات الأتقياء البكاء قبل التلاوة، بكى حكام العرب حتى اخضلت نياشينهم، بكوا مخافة وتقوى لعبد في معصية خالق، وقالوا بصوت خاشع خافق، ترامب يا مولانا، لقد بنيتم عروشنا، ووضعتم التاج على رؤوسنا، بل وصلتم إلى حمايتنا من شعوبنا، أنتم هبة الله لنا، ولولاكم لضاع ملكنا، فتقبلوا شكرنا وسامحونا على تقصيرنا، فخذ منا ما تريد واطلب منا المزيد، فنحن عن رضاك لا نحيد، قال لهم حاربوا الإرهاب، وأغلقوا عليه كلّ باب، فأشار الحكام العرب بأصابعهم إلى قطر، ذاك هو الإرهاب فلا نذر، وبحول الشيطان قد أعدنا لها مسّ صقر، فأجمعوا أن يكيدوا لها الكيد، ويوفى لترامب الوعيد.
لا تضربوا قطر، بل اتهموها بالإرهاب؛ يخل لكم وجه أبيكم ترامب، وتكونوا من بعده قوما خائنين، هكذا انتهت جلسات ترامب مع أخوة قطر. أجمع الأخوة أن يرموا أخاهم الصغير بالإرهاب، فكان ما كان من ادعاءات شبهت تفصيلًا وإجمالًا باتهامات امرأة العزيز لسيدنا يوسف عليه السلام، براءة يوسف وإن طالت وعاش قبلها المحن، فإن براءة قطر من كيد أخوتها طال إثباتها أو قصر. فإن قطر قد بشرت العالم العربي بسبع سنين عجاف بدأت بالربيع العربي وأسقطت طغاته، فإنها تبشّر بسبع سنين أخرى يغاث فيها الناس ويعصرون، مرحلة لاحت آفاقها منذ صيف 2014، باستهداف غزة في محاولة للقضاء على "حماس"، مرورًا بانقلاب يوليو/تموز من العام الماضي، لكبح قيادة أردوغان وحزبه لهذه المرحلة، وصولًا إلى حصار قطر.
ختامًا، يجبّ شكر قطر على الرغم ممّا هي فيه من هذا المصاب، فمنها تعلمتُ أن بعض الأنظمة يكرهوننا لمزايانا، وليس لعيوبنا، فقد كرهوا قطر لأنّها صادقة ولا تشبههم، والناس لا يريدون من يذكرهم بنقصهم!، شُكرًا قطر، من حصارك تعلمتُ أن الطعنة تأتي أحيانًا من حيث لا نحتسب، شُكرًا قطر، من حصارك تعلمتُ أن المعدن الأصيل لا تُغيره المصائب، شدّد على مواطنيك وشتم أميرك وتعامل المحاصرون معك بكل قلة أدب، فقلت لرعياهم في قطر، عفا الله عمّا سلف..