أحمد قعبور: لا تيأسوا من الربيع... والدنيا تنَيْن تنَيْن

04 يوليو 2014
هالدنيا تنَيْن تنَيْن رسالة قعبور للدعوة إلى التكاتف
+ الخط -
من طربوش والده في الصورة العتيقة، وُلِدَت فكرة "فرقة الطرابيش" في رأس الفنان أحمد قعبور مطلع التسعينيّات. كان يفتّش عن ديكور أغنية "لعيونك". تلك التي كتبها إلى "اللبناني" قائلا له بعد انتهاء الحرب الأهلية: "عالماضي لا تنوح / روح شوف مستقبلك". وهو يؤكّد في حديث لـ"العربي الجديد" أنّه كان يقصد مستقبل لبنان وليس تلفزيون المستقبل. رغم أنّه كان يطلق الأغنية في سياق الترويج لإطلاق تلفزيون المستقبل: "لكنّني أردتها من الموروث الشعبي اللبناني وليس على طريقة أفعل التفضيل، كأقوى محطة وأوّل تلفزيون".

ويروي كيف وُلِدَت فكرة الأغنية. كانت سيّارته معطّلة، فاستقلّ سيّارة أجرة. وحين همّ بالنزول قال له السائق: "ممنونك"، فأجابه: "لعيونك". واستوحى الألحان من "مخزون عبد المطّلب وعمر الزعنّي". وحين دخل منزل والدته رأى صورة والده بالطربوش، فقرّر خلط الموروث بكلمة سائق "التاكسي" بصورة والده، لتخرج الأغنية في شكلها الأوّل.

لاحقا كانت أغنية "بتمون"، وهي ترويجية أيضا لمشروع وتلفزيون ورؤية، لكنّها خلت من كلمة "مستقبل"، يقول قعبور فخورا: "ابتعدت بالكامل عن الترويج، في أغنية ترويجية".

أما الأغنية الثالثة فكانت تعبيرا عن صراع بدأ يظهر إلى العلن نهاية التسعينيات بين مزاج عربي ولبناني شاب يبحث عن الموسيقى الغربية وكلّ ما هو غربي، وبين الأصالة التي يتمسّك قعبور بمصالحتها مع الحاضر. وكان في الأغنية حوار موسيقيّ بين الروك وألحان قعبور التقليدية، حوار كلاميّ بين شاب يقول لبطل الفيديو كليب: "فيوتشور تي في"، فيجيبه لابس الطربوش: على عيني. وانتهت بأن غنّى الإثنان سويّا في دليل إلى إمكانية اختلاط الثقافتين ومصالحة المزاجين.

أما الأغنية الثالثة فأطلقها أحمد قعبور بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وكانت حزينة لكن مليئة بالأمل. أكثر ما يعجبه من كلماتها المقطع الذي يقول: " أصل الرمّانة زهرة / والفرس ال كانت مُهرة / حُرّة ورح تبقى حرّة".

وهنا يدلّل قعبور على أنّ "السلسلة لم تكن للتسلية فقط، بل كانت دوما تتمسّك بموقف. واليوم أفكّر أنّ المشاريع والثورات تبدأ مثل الرمّانة، بأن تكون زهرة". ويقول باستغراب: "أتعجّب من الذين يئسوا من الربيع العربي ومن الثورات بعد 3 سنوات فقط. الثورة والتغيير يتطلّبان أعمارا كاملة".

ويصل إلى أغنيته الجديدة التي يضعها في السياق نفسه: "كانت والدتي تروي لي عن نغمة كانت النساء ترقص على نوتاتها رقص الهوانم، أي رقص التمايل وليس الرقص الرقص، الرقص الذي فيه خفرٌ وجمال خفيّ، وكانت تردّد النغمة: دددم دم دم دم دم". وكنت دائما أقول إنّ هذه النغمة لن تمرّ مرور الكرام. إلى أن صارت والدتي تدلّع أحفادي بالنغمة نفسها، فقرّرت أن أغنّيها، فكتبتها ولحّنتها وغنّيتها.

والكلمات تشبه اللحظة العربية التي نعيشها حيث كلّ واحد يظنّ أنّه "هو أو لا أحد". فقلت: "هاالدنيا تنَيْن تنَيْن، مثلا شوفوا الإيدَيْن، وحدة ما فيها تزقّف، منزقّف بالتنتين". (الفيديو مرفق)

ويحكي قعبور كما لو يغنّي: "أنا في حاجة إلى أن أكون مع أمي أو زوجتي أو ابني، والغمامة السوداء التي تظلّل الشرق هذه الأيام يجب ألا تنسينا أنّ هناك حياة تحتها، وهناك ناساً يريدون أن يشربوا القهوة صباحا، وهناك من يريدون العمل والتعلّم، ومن تريد أن تحارج بائع الخضر على سعر البقدونس... فجمعت هؤلاء أنا والمخرج وليد ناصيف".

الأغنية أيضا "استقبلت" موسيقى غربية، وأكملت نقاشا من أغنيات سابقة بكلماتها التالية: "طول عمرك تاكل فول، وعاملّي فيها كول، وان كلنا بالمكيول، ما بتساوي قرشين". ليؤكّد أنّ "ما يجري من تصوير أبطال منفردين، أو أفكار منفردة، تضليل بتضليل، والحقيقة أنّه لا خلاص إلا بأن نتكاتف".

وينهي الأغنية بـ"عودة وتحية إلى عمر الزعنّي مجددا حين أقول: هالدنيا نور بنور، إصحَ فتاح الأباجور، في مرحب في بونجور، فيها هاي وفي أهلين... بس الأحلى: أهلين".

هكذا: بين طربوش والده، ودمدمات والدته، يطلق أحمد قعبور أغنية جديدة يريدها "أملاً". هو الذي يروي لأصحابه أنّه يقاتل "من أجل ألا أتوقّف عن الأمل". هو المؤمن بأنّ "الثورات طويلة"، وهو المؤمن بأنّ "الدنيا تنَيْن تنَيْن". 
المساهمون