توفي قبل قليل بالعاصمة المصرية القاهرة، المحامي والناشط الحقوقي المصري، أحمد سيف الإسلام، بعد صراع مع المرض.
كان سيف الإسلام قد دخل مستشفى قصر العيني الفرنساوي، قبل أسابيع، لإجراء عملية قلب مفتوح، لم يبرأ منها، وحٌجز في قسم العناية المركزة، ثم غاب عن الوعي في "غيبوبة" استمرت حوالي أسبوعين قبل أن تعلن أسرته نبأ وفاته منذ قليل.
وأصدرت الأسرة بيانا، قالت فيه: "تعلن الأسرة بخالص الأسى رحيل الأستاذ أحمد سيف الاسلام حمد في الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم الأربعاء 27 أغسطس/ آب، وستكون صلاة الجنازة على الفقيد غدا الخميس بعد صلاة العصر في مسجد صلاح الدين بحي المنيل وستعلن الأسرة تفاصيل العزاء لاحقا، وتعزيكم الأسرة في فقيدها وفقيدكم".
قبل وفاة سيف بأيام، كان هاشتاج "ادعو لسيف" ينبض يوميا بعشرات القصص والحكايات التي تحكي عنه، كمحامي حقوقي تبنى الدفاع عن ثورة يناير وشبابها في المحاكم، وكمعلم وأستاذ تربى على يده مئات الحقوقيين في مصر، وكمناضل يواصل دفاعه عن الحق والعدل، ويرفض الظلم والقهر.
كان يعرف نفسه قائلا "أنا أحمد سيف الإسلام حمد، بتاع اليسار مش الإسلاميين، محامي بمركز هشام مبارك للقانون، عجوز الناس بتعرفني بجد خالد، وأبوسناء، منى، وعلاء، وجوز ليلى سويف".
كان يتباهى بأسرته وأبنائه، كان وودودا مع كل من حوله، يربت على أكتاف أسر المعتقلين والمصابين والشهداء، يدافع عن شباب الثورة في المحاكم، يعلن رفضه لكل ظالم وطاغية ولا يخشى في الحق لومة لائم. وكان أول المعترفين بأن "رابعة" مذبحة، وأن ٣ يوليو/تموز انقلاب عسكري.
سيف الإسلام، تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1977، قبل أن يتزوج من الدكتورة ليلى سويف التي كان لها دور فعال في حركة استقلال الجامعات "9 مارس"، وأنجب ثلاثة أبناء، هم منى وعلاء وسناء، والأخيران معتقلان حاليا، اشتهر سيف الإسلام بأنه محامي المقهورين والمعذبين.
المحامي والحقوقي الراحل، كان أحد الذين شاركوا في رسم أهم ملامح ومراحل النضال المصري. حين كان طالباً في كلية السياسة والاقتصاد في جامعة القاهرة عام 1972، شارك في التظاهرات الطلابية لتحرير سيناء. ثم اعتقل عام 1973 مدة ثمانية أشهر، على خلفية مشاركته في الاحتجاجات الرافضة لخطاب الرئيس الراحل أنور السادات في ذلك الوقت، وتأخره باتخاذ قرار الحرب ضد إسرائيل. وأُفرج عنه وزملائه قبل حرب أكتوبر/ تشرين الأول بأيام.
كانت فترة اعتقاله الأطول عام 1983، حيث قضى خمس سنوات في سجن القلعة، الذي وصفه بأنه "أبشع كثيرا من سجن طره فيما يخص التعذيب"، بتهمة الانتماء إلى تنظيم يساري.
أثناء سجنه، تعرّض للضرب والتعذيب بالكهرباء، وكسرت قدمه وذراعه. تقدّم ببلاغ للتحقيق في تلك الواقعة لكن أحداً لم يُعرهُ انتباهاً. أكثر ما يُضايقه أن ابنته منى ولدت أثناء وجوده في السجن.
خلال فترة اعتقاله، وتحديداً عام 1989، حصل على ليسانس حقوق من جامعة "القاهرة". وبعد الإفراج عنه، تطوّع للدفاع عن المتهمين في قضايا الرأي من دون أن يكترث لانتماءاتهم السياسية.
شارك في تأسيس مركز "هشام مبارك" للحقوق والقانون المتخصص في الدفاع عن حقوق الإنسان، وتقديم الدعم الحقوقي والقانوني لضحايا الانتهاكات.
وبعد ثورة 25 يناير، اعتقل يوم "موقعة الجمل"، حين داهمت قوات الشرطة المركز الحقوقي الذي يديره واعتقلته وآخرين لمدة يومين.
تزوج أحمد من أستاذة الرياضيات في كلية العلوم في جامعة القاهرة ليلى سويف، وهي ناشطة سياسية أيضاً وعضو مُؤسّس في حركة 9 مارس/آذار لاستقلال الجامعات المصرية.
علاء، الابن الأكبر، كان يعمل مُبرمجاً في جنوب أفريقيا. عاد إلى مصر في أعقاب ثورة يناير، علماً أنه سبق واعتقل خلال مشاركته في التظاهرات المطالبة باستقلال القضاء عام 2006 في القاهرة. كذلك، اعتقل خلال حكم المجلس العسكري بعد الثورة، وفي عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور.
ابنته منى، هي أيضاً ناشطة سياسية وحقوقية، ومؤسسة مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين". أما سناء، التي اختار والداها اسمها تيمناً بالشهيدة سناء محيدلي، التي نفذت عملية استشهادية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، فلا تُفوت بدورها أي نشاط حقوقي، وهي أيضا معتقلة حاليا.
في إحدى المرات التي كان فيها أحمد سيف يستعد للدخول إلى قاعة المحكمة للدفاع عن ابنته، قال لعناصر الأمن والحراسة "اليوم لست هنا من أجل ابني. بل ابنتي". وقد اعتقلت سناء في 21 يونيو/حزيران الماضي، إثر مشاركتها في التظاهرات ضد "قانون التظاهر"، بتهمة التحريض على الإضراب.
وعُرف عنه "الهدوء حتى في أصعب المواقف". كان يقول لابنته القابعة خلف القضبان "ازيك يا سناء؟ ماما بتسلم عليكي. الأهلي كسب الماتش يا سناء. والبرازيل كمان كسبت الماتش اللي فات". كان مصراً دائماً على مدها بالقوة. لم يكن يريدها أن تنهار.