تُوفّي الفنان القدير أحمد راتب، عن عمر يناهز الـ67 عاماً، بعد أزمة قلبية تعرّض لها. وكان قبلها بسنوات يعاني من مشاكل صحية شديدة في الرئة، ليُسدل الستار على حياته، أمس، داخل غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات الخاصة، والتي دخله منذ أيام.
برزت موهبة أحمد راتب منذ طفولته. وقف على خشبة المسرح المدرسي بثقة شديدة وهو لا يزال طفلاً في السابعة من عمره، ليقدم دوره بثقة شديدة، ولفت كافّة الأنظار نحوه. كان نجماً في مدرسته، ومحبوباً من الجميع، ومع مراحله الدراسية المختلفة لم يتخلّ راتب أبداً عن الفن، فظلّ يُقدّم عروضاً مسرحيّة عديدة حتى وصل إلى المرحلة الثانوية، فطلبت منه أسرته التركيز في دراسته وعدم ضياع وقته في البروفات والعروض.
لكنه وعدهم بأن لا تؤثر هوايته على دراسته، وقد أوفى راتب بوعده وحصل على مجموع كبير في الثانوية العامة أهّله لدخول كلية الهندسة، والتي تفوق فيها أيضًا، وظل يقدّم مسرحيات على المسرح الجامعي. ونصحه الكثيرون بصقل موهبته بدراسة التمثيل أكاديميّاً، وبالفعل، التحق راتب بالمعهد العالي للفنون المسرحية، لتكون انطلاقته الحقيقية في عالم الفن من الخطوة الأولى.
أول الأدوار التي قدّمها أحمد راتب كان قبوله لها بناءً على نصيحة من الفنان القدير والمخرج الراحل، كرم مطاوع، إذْ استشاره راتب إذا ما كان سيقبل الدور أم لا؟ فردّ مطاوع مندهشاً من تساؤل راتب، ساخراً: "انت محدش يعرفك خايف على اسمك ولا إيه؟"، فكانت إجابة كرم كفيلة بأن تجعل أحمد راتب يقبل الدور الصغير الذي عُرض عليه في أحد المسلسلات الذي شارك فيه بحلقتين فقط.
ومن هنا، بدأ راتب مشواره الفني وقدّم سلسلة أدوار صغيرة، ولكن المحطة الأساسية التي كانت سبباً في معرفة الجمهور له إلى حد ما، كان من خلال مسلسلات "المسافرون" و"شجرة الحرمان" و"أيوب البحر"، إذ تصادف عرض هذه الأعمال مع شهر رمضان، فتعرّف إليه الجمهور. ولكنه عرف أنه أصبح مشهوراً بعدما سافر إلى الكويت لعرض مسرحية "جحا يحكم المدينة" مع الفنان سمير غانم، إذ فوجِئ بتصدُّر اسم شخصيته التي قدمها في المسرحية الصحف الكويتية. كما كان استقبال الجمهور له في العرض، رسالة له بأنَّه أصبح مشهوراً.
الكثيرون على مدار أعماله الفنية حاولوا تصنيفه كممثل كوميدي، ولكن لم يهتم راتب بكونه كوميديا أو تراجيديا، فكان يريد فقط أن يمثل أي شيء وكل شيء. ولم يفكر في المكاسب المادية أو الشهرة، فكان يحبّ التمثيل فقط لذاته، وليس لأي شيء آخر، وظل راتب على هذه المبادئ حتى وفاته.
كان أول مصدر دخل مادي لأحمد راتب، قادماً من الإذاعة المصرية وليس من التلفزيون أو السينما، مثلما يبدأ الكثيرون مشوارهم. وكان راتب يقدم حلقتين في الأسبوع من أي مسلسل إذاعي، بمقابل مادي يبلغ أربعة جنيهات. وكان هذا المبلغ وقتها ليس قليلاً. فأكد راتب، في تصريحات له، أن الأربعة جنيهات كانت تفتح بيته، لذلك لم يرفض راتب، لاحقاً، أن يشارك في أي من الأعمال الإذاعية التي كانت تُعرض عليه، وذلك رداً لجميل الإذاعة المصرية عليه.
قدَّم أحمد راتب للسينما عدداً كبيراً من الأفلام، والتي وصل عددها إلى 130 عملاً تقريباً، وكانت أشهر أدواره تلك التي قدمها مع الفنان القدير عادل إمام، مثل "الإرهابي" و"طيور الظلام" و"عمارة يعقوبيان" و"واحدة بواحدة" و"بخيت وعديلة"، ولم يشبه أي دور الآخر. وشعر المشاهد كما لو أن الدور لم يكتمل بدون وجوده. كما قدم مسرحية واحدة فقط مع عادل إمام وهي "الزعيم”. ووصف راتب علاقته بـ"الزعيم" عادل إمام بأنها كانت أخوة وصداقة دفعته إلى قبول الوقوف أمامه في مشهد واحد في فيلم "المنسي".
اقــرأ أيضاً
وبعيداً عن أفلامه مع عادل إمام، قدّم راتب سلسلة طويلة من الأفلام، أشهرها "يا رب ولد"، في شخصية الفنان التشكيلي عيسوي، وتعلَّقَ الجمهور بهذه الشخصية بشكل كبير، و"جزيرة الشيطان" و"جبابرة الميناء" و"الدنيا على جناح يمامة" و"آخر الرجال المحترمين" وغيرها. وكان آخر أفلامه، فيلم "مولانا" المشارك حالياً في مهرجان دبي السينمائي، ولم يُعرَض بعد في مصر.
كان لأحمد راتب أيضاً حظ في الوقوف أمام الفنان فؤاد المهندس، الملقب بـ"الأستاذ"، إذ قدّم معه مسرحية حققت نجاحاً في مصر والوطن العربي هي "سُك على بناتك"، مُجسّداً شخصية سامح التي لفتت الأنظار، واستطاع أن يتقاسم ضحكات الجمهور مع المهندس. علماً أن راتب كان يرغب في تقديم شخصية حنفي التي قدّمها الفنان محمد أبو الحسن، لكن فؤاد المهندس أقنعه بشخصية سامح؛ كون شخصية حنفي يستطيع أي فنان تقديمها، أما سامح فكانت مركبة وصعبة.
وعلى النطاق التلفزيوني، قدَّم راتب أعمالاً ستظل في ذاكرة جمهوره، منها "الخيول تنام واقفة" و"المال والبنون" في شخصية السحت، ومسلسل "أم كلثوم" في شخصية محمد القصبجي، وكان هذا الدور علامة فارقة في حياته، وبسببه بدأ راتب في التأني والدقة في الاختيار بعد المسؤولية الكبيرة التي ألقيت على عاتقه بعد نجاح العمل بشكل عام، والشخصية التي قدمها بشكل خاص.
وكان آخر أعماله التليفزيونية من خلال مسلسل "أستاذ ورئيس قسم" مع عادل إمام. وقبل وفاة راتب بأيام، كان يقوم بتصوير دوره في مسلسل "الأب الروحي" مع الفنان محمود حميدة، لكن لم يمهله القدر لاستكماله.
وعلى النطاق الأسري، كان أحمد راتب غير محب لظهور عائلته إعلامياً. كان بمجرد أن يترك الاستوديو ويذهب إلى بيته ينسى تماماً كونه فناناً، ويركّز على دوره كزوج وأب لثلاث بنات.
اقــرأ أيضاً
برزت موهبة أحمد راتب منذ طفولته. وقف على خشبة المسرح المدرسي بثقة شديدة وهو لا يزال طفلاً في السابعة من عمره، ليقدم دوره بثقة شديدة، ولفت كافّة الأنظار نحوه. كان نجماً في مدرسته، ومحبوباً من الجميع، ومع مراحله الدراسية المختلفة لم يتخلّ راتب أبداً عن الفن، فظلّ يُقدّم عروضاً مسرحيّة عديدة حتى وصل إلى المرحلة الثانوية، فطلبت منه أسرته التركيز في دراسته وعدم ضياع وقته في البروفات والعروض.
لكنه وعدهم بأن لا تؤثر هوايته على دراسته، وقد أوفى راتب بوعده وحصل على مجموع كبير في الثانوية العامة أهّله لدخول كلية الهندسة، والتي تفوق فيها أيضًا، وظل يقدّم مسرحيات على المسرح الجامعي. ونصحه الكثيرون بصقل موهبته بدراسة التمثيل أكاديميّاً، وبالفعل، التحق راتب بالمعهد العالي للفنون المسرحية، لتكون انطلاقته الحقيقية في عالم الفن من الخطوة الأولى.
أول الأدوار التي قدّمها أحمد راتب كان قبوله لها بناءً على نصيحة من الفنان القدير والمخرج الراحل، كرم مطاوع، إذْ استشاره راتب إذا ما كان سيقبل الدور أم لا؟ فردّ مطاوع مندهشاً من تساؤل راتب، ساخراً: "انت محدش يعرفك خايف على اسمك ولا إيه؟"، فكانت إجابة كرم كفيلة بأن تجعل أحمد راتب يقبل الدور الصغير الذي عُرض عليه في أحد المسلسلات الذي شارك فيه بحلقتين فقط.
ومن هنا، بدأ راتب مشواره الفني وقدّم سلسلة أدوار صغيرة، ولكن المحطة الأساسية التي كانت سبباً في معرفة الجمهور له إلى حد ما، كان من خلال مسلسلات "المسافرون" و"شجرة الحرمان" و"أيوب البحر"، إذ تصادف عرض هذه الأعمال مع شهر رمضان، فتعرّف إليه الجمهور. ولكنه عرف أنه أصبح مشهوراً بعدما سافر إلى الكويت لعرض مسرحية "جحا يحكم المدينة" مع الفنان سمير غانم، إذ فوجِئ بتصدُّر اسم شخصيته التي قدمها في المسرحية الصحف الكويتية. كما كان استقبال الجمهور له في العرض، رسالة له بأنَّه أصبح مشهوراً.
الكثيرون على مدار أعماله الفنية حاولوا تصنيفه كممثل كوميدي، ولكن لم يهتم راتب بكونه كوميديا أو تراجيديا، فكان يريد فقط أن يمثل أي شيء وكل شيء. ولم يفكر في المكاسب المادية أو الشهرة، فكان يحبّ التمثيل فقط لذاته، وليس لأي شيء آخر، وظل راتب على هذه المبادئ حتى وفاته.
كان أول مصدر دخل مادي لأحمد راتب، قادماً من الإذاعة المصرية وليس من التلفزيون أو السينما، مثلما يبدأ الكثيرون مشوارهم. وكان راتب يقدم حلقتين في الأسبوع من أي مسلسل إذاعي، بمقابل مادي يبلغ أربعة جنيهات. وكان هذا المبلغ وقتها ليس قليلاً. فأكد راتب، في تصريحات له، أن الأربعة جنيهات كانت تفتح بيته، لذلك لم يرفض راتب، لاحقاً، أن يشارك في أي من الأعمال الإذاعية التي كانت تُعرض عليه، وذلك رداً لجميل الإذاعة المصرية عليه.
قدَّم أحمد راتب للسينما عدداً كبيراً من الأفلام، والتي وصل عددها إلى 130 عملاً تقريباً، وكانت أشهر أدواره تلك التي قدمها مع الفنان القدير عادل إمام، مثل "الإرهابي" و"طيور الظلام" و"عمارة يعقوبيان" و"واحدة بواحدة" و"بخيت وعديلة"، ولم يشبه أي دور الآخر. وشعر المشاهد كما لو أن الدور لم يكتمل بدون وجوده. كما قدم مسرحية واحدة فقط مع عادل إمام وهي "الزعيم”. ووصف راتب علاقته بـ"الزعيم" عادل إمام بأنها كانت أخوة وصداقة دفعته إلى قبول الوقوف أمامه في مشهد واحد في فيلم "المنسي".
وبعيداً عن أفلامه مع عادل إمام، قدّم راتب سلسلة طويلة من الأفلام، أشهرها "يا رب ولد"، في شخصية الفنان التشكيلي عيسوي، وتعلَّقَ الجمهور بهذه الشخصية بشكل كبير، و"جزيرة الشيطان" و"جبابرة الميناء" و"الدنيا على جناح يمامة" و"آخر الرجال المحترمين" وغيرها. وكان آخر أفلامه، فيلم "مولانا" المشارك حالياً في مهرجان دبي السينمائي، ولم يُعرَض بعد في مصر.
كان لأحمد راتب أيضاً حظ في الوقوف أمام الفنان فؤاد المهندس، الملقب بـ"الأستاذ"، إذ قدّم معه مسرحية حققت نجاحاً في مصر والوطن العربي هي "سُك على بناتك"، مُجسّداً شخصية سامح التي لفتت الأنظار، واستطاع أن يتقاسم ضحكات الجمهور مع المهندس. علماً أن راتب كان يرغب في تقديم شخصية حنفي التي قدّمها الفنان محمد أبو الحسن، لكن فؤاد المهندس أقنعه بشخصية سامح؛ كون شخصية حنفي يستطيع أي فنان تقديمها، أما سامح فكانت مركبة وصعبة.
وعلى النطاق التلفزيوني، قدَّم راتب أعمالاً ستظل في ذاكرة جمهوره، منها "الخيول تنام واقفة" و"المال والبنون" في شخصية السحت، ومسلسل "أم كلثوم" في شخصية محمد القصبجي، وكان هذا الدور علامة فارقة في حياته، وبسببه بدأ راتب في التأني والدقة في الاختيار بعد المسؤولية الكبيرة التي ألقيت على عاتقه بعد نجاح العمل بشكل عام، والشخصية التي قدمها بشكل خاص.
وكان آخر أعماله التليفزيونية من خلال مسلسل "أستاذ ورئيس قسم" مع عادل إمام. وقبل وفاة راتب بأيام، كان يقوم بتصوير دوره في مسلسل "الأب الروحي" مع الفنان محمود حميدة، لكن لم يمهله القدر لاستكماله.
وعلى النطاق الأسري، كان أحمد راتب غير محب لظهور عائلته إعلامياً. كان بمجرد أن يترك الاستوديو ويذهب إلى بيته ينسى تماماً كونه فناناً، ويركّز على دوره كزوج وأب لثلاث بنات.