أحضان النمور أكثر حناناً

18 سبتمبر 2014
+ الخط -

عندما نرى أنواع الظلم والطغيان في بلادنا على أيدي الحكومات، التي من واجبها حماية الشعوب، بدل مواجهتها، ومساعدة الشعوب بدل مهاجمتها، والدفاع عن الشعوب بدل معاداتها، عندما نرى ذلك، نفكر في الحياة من دون الحكومات والدول! لأن الأنظمة القمعية جعلتنا نشتاق إلى العصور، التي كان يعيشها الإنسان في الأدغال، ولم يكن هناك وجود لسلطةٍ، أو حكومة ظالمة.

وسنذكر قصة الحكيم كونفوشيوس والمرأة والنمر. تقول: إن (كونفوشيوس) مرّ على مقربة من جبل (تاي)، فأبصر امرأة تقف إلى جانب أحد القبور، وتبكي بمرارة وحرقة، فسارع المعلم إليها، وبعث تلميذه (تسي-لو) يسألها: تبكين يا امرأة، وكأنك احتملت من الأحزان فوق الأحزان. ردت المرأة: كذلك الأمر، فقد قتل نمر والد زوجي في هذا الموقع، وقتل زوجي أيضا، وقد مات ولدي الميتة نفسها أيضا.

فقال المعلم: لماذا لم تتركوا هذا المكان؟ فردت المرأة: ليس هنا حكم ظالم.

فقال المعلم، آنذاك، تذكّروا قولها يا أولادي: الحكم الظالم أشد فظاعة من النمر. نعم، الحياة في غابة أفضل من الحياة في مجتمع من دون قانون. انتهت القصة.

المرأة ترضى بأن يقتل النمر عائلتها، وتصبر على ذلك، وتفضل هذا الوضع على حكومة ظالمة، تظلم وتفتك بالناس.
الظلم في الغابة والأدغال ليس ظلماً، لأن النمور والحيوانات تقتل الناس لتأكلها وتعيش، وهذه سنة الحياة. ولكن، في ظل الحكومة الظالمة، يتم قتل الناس وسفك الدماء وكتم الأفواه وتعذيب الأحرار وارتكاب الموبقات بحق الشعوب. ولا يستطيع الفرد أن يفتح فمه، إلا عند طبيب الأسنان، ولا يستطيع التفكير إلا بالمناخ الجوي ودرجات الحرارة وأسباب تراجع عدد المصلين في المسجد!
 
أما إذا قرر الفرد التفكير في حالته وحرياته وحقوقه، فإن السجن والقتل والذبح يكون له بالمرصاد في ظل الحكومات الظالمة. الحكومات الاستبدادية في منطقتنا ارتكبت أنواع الجرائم والموبقات بحق شعوبها، وجعلت الناس يرضون بأي بديل ينقذهم من هذه الحكومات، وإن كان الفوضى والعودة إلى شريعة الغاب والأدغال. وبلا شك، لا يمكن للشعوب أن ترتقي بهذا الشكل، إلا بوجود سلطة قائمة تنظم العلاقات بين الأفراد، وتحدد الحقوق والواجبات.

الشعوب في البلاد الديمقراطية المتقدمة انتهت في التفكير بالنظام السياسي، وأصبحت تفكر في الذهاب إلى القمر والسيطرة عليه، أما الشعوب في بلداننا فتفكر في طريقة للتخلص من هذه الحكومات الظالمة، لأن الظلم يمنع الارتقاء والتقدم.

عندما نرى الشباب حاملي الطاقات والشهادات والقدرات العالية يفرون من الوطن، ويذهبون ليخدموا بلدانا أجنبية، بالمئات أو بالآلاف، حينها ندرك أن هناك حكومات جائرة تحكم في بلادنا، لو كانت عادلة لما فرَّ الناس من أوطانهم. الإنسان يشعر بالأمان في وطنه، أما نحن فنشعر بالغربة في الوطن، بسبب تصرفات الحكومات، فمتى يكون الإنسان في صدارة أولويات الحكومات، وينتهي حلم الشعوب بالتخلص من أنظمتها، والعودة إلى أحضان النمور؟

avata
avata
شاهو القره داغي (العراق)
شاهو القره داغي (العراق)