يشكل حي "تفرغ زينة" أحد أهم وأقدم الأحياء المعروفة بالثراء في موريتانيا، حيث يتميز بتخطيطه العمراني الجيد. ورغم أن هذه شروط بديهية في أي تخطيط عمراني حديث، إلا أن المفارقة هي أن أغلب أحياء العاصمة الموريتانية لا تتوفر على هذه المميزات. فالشوارع ضيقة، والساحات العمومية امتدت إليها يد الفساد فتمت مصادرتها، ولم يبق للفقراء أي متنفس.
هذا الواقع دفع العديد من المراقبين إلى إطلاق صفارة الإنذار بسبب التباين الواسع بين الأحياء، وتأثيره على العلاقات الاجتماعية والنسيج الوطني.
هجرة نحو المدينة
منذ سبعينيات القرن الماضي تسارعت وتيرة هجرة الموريتانيين من الريف إلى المدن بعد موجة الجفاف التي شهدتها البلاد، ونزحت أعداد كبيرة إلى العاصمة نواكشوط بشكل خاص بحثاً عن حياة أفضل. غير أن هذه الهجرة لم يواكبها تحديث وتوسيع للخدمات الضرورية، بل تفاقمت الأزمة مع تزايد أعداد القادمين إلى العاصمة وعجز خدمات المدينة الضئيلة أصلاً عن استيعاب التدفق البشري الهائل. فانتشرت أحياء الصفيح وتوسعت.
في العام 2009، أطلقت السلطات الموريتانية مشروعاً لتأهيل الأحياء الشعبية، وأنشأت لذلك الغرض "الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي، وتطوير الإسكان والتسيير العقاري". وبحسب تقرير المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، فقد أنجزت الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي مشاريع استصلاح وتهيئة 8 مدن موريتانية فقط.
المفارقة أن أحياء الفقراء التي تشكل غالبية أحياء العاصمة، والتي تفتقر إلى العديد من خدمات التعليم والصحة والمياه الصالحة للشرب تطوق حياً راقياً هادئاً يقع في الشمال الغربي للعاصمة. حيث يمتاز حي "تفرغ زينة" بجودة تخطيطه العمراني مقارنة مع بقية الأحياء، وسعة المنازل وفخامتها، كما أنه يعتبر محل سكن غالبية النخب السياسية والمالية. وفي المقابل بيوت من الصفيح تفتقر للكثير من الخدمات بخاصة خدمات النقل والمياه والكهرباء.
يرجع العديد من المراقبين أسباب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها موريتانيا إلى غياب العدالة، والتفاوت الصارخ في مستوي المعيشة والخدمات، بحيث أصبح التصنيف حاداً. يقول الباحث الاجتماعي أحمد سالم ولد زياد لـ "العربي الجديد": "إن الفرق بين الأحياء الشعبية وأحياء الأغنياء، يعكس مستوى الغبن، وغياب العدالة، فالخدمات عموماً والبنية التحتية ضعيفة جداً، هي بالتأكيد أضعف في الأحياء الشعبية، أما الغبن فيظهر جليا ًفي السلطة والوظائف والصفقات والمنح الدراسية والأرصدة".
ويعتبر ولد زياد أن خطط الدولة لتنظيم المدن فاقمت المشكلة، فالدولة بدلاً من أن تلجأ إلى تنظيم المدن، عمدت إلى عزل الفقراء عن الأغنياء، وشرعت إقامة بيوت الصفيح والعشوائيات في العاصمة.
وبحسب ولد زياد، لا تكمن المشكلة في وجود أحياء فقيرة وأخرى غنية، بل تكمن في انتشار الفساد المؤدي إلى هذا التفاوت الكبير في الفرص بين مواطنين لا يملكون شيئاً ومواطنين يملكون كل شيء.
من جهته، يرى الباحث الاقتصادي الدكتور الهادي ولد أبوه أن الأسباب التي أدت إلى تفاقم الفوارق الشاسعة في الخدمات بين الأحياء الفقيرة والثرية هي طبيعة النظام السياسي والاقتصادي للبلد، فاستشراء الفساد والمحسوبية من العوامل الأكثر ترسيخا لهذه الظاهرة، وكل هذا أدى إلى انعدام أو تدنٍّ في مستويات الدخل، انتشار البطالة، انخفاض مستوى المهارة وظهور الأمية، بالإضافة إلى ظهور وانتشار الأمراض وانخفاض مستوى الرعاية.
ويقول ولد أبوه "إن السياسات الاقتصادية كانت عاملاً أساسياً في زيادة الهوة، لأنها لم تكن محابية للفقراء عموماً، ومن بين تلك السياسات التركيز الاحتكاري لاستيراد المواد الأولية والذي يعتبره البعض سياسة ممنهجة، ورفع الدعم عن المحروقات الذي لم يكن مخططاً بشكل يضمن عدم تأثيره على الطبقات الفقيرة".
اقرأ أيضاً:المدن الموريتانيّة تختنق سكانيّاً وسط تعاظم الأزمات
هذا الواقع دفع العديد من المراقبين إلى إطلاق صفارة الإنذار بسبب التباين الواسع بين الأحياء، وتأثيره على العلاقات الاجتماعية والنسيج الوطني.
هجرة نحو المدينة
منذ سبعينيات القرن الماضي تسارعت وتيرة هجرة الموريتانيين من الريف إلى المدن بعد موجة الجفاف التي شهدتها البلاد، ونزحت أعداد كبيرة إلى العاصمة نواكشوط بشكل خاص بحثاً عن حياة أفضل. غير أن هذه الهجرة لم يواكبها تحديث وتوسيع للخدمات الضرورية، بل تفاقمت الأزمة مع تزايد أعداد القادمين إلى العاصمة وعجز خدمات المدينة الضئيلة أصلاً عن استيعاب التدفق البشري الهائل. فانتشرت أحياء الصفيح وتوسعت.
في العام 2009، أطلقت السلطات الموريتانية مشروعاً لتأهيل الأحياء الشعبية، وأنشأت لذلك الغرض "الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي، وتطوير الإسكان والتسيير العقاري". وبحسب تقرير المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، فقد أنجزت الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي مشاريع استصلاح وتهيئة 8 مدن موريتانية فقط.
المفارقة أن أحياء الفقراء التي تشكل غالبية أحياء العاصمة، والتي تفتقر إلى العديد من خدمات التعليم والصحة والمياه الصالحة للشرب تطوق حياً راقياً هادئاً يقع في الشمال الغربي للعاصمة. حيث يمتاز حي "تفرغ زينة" بجودة تخطيطه العمراني مقارنة مع بقية الأحياء، وسعة المنازل وفخامتها، كما أنه يعتبر محل سكن غالبية النخب السياسية والمالية. وفي المقابل بيوت من الصفيح تفتقر للكثير من الخدمات بخاصة خدمات النقل والمياه والكهرباء.
يرجع العديد من المراقبين أسباب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها موريتانيا إلى غياب العدالة، والتفاوت الصارخ في مستوي المعيشة والخدمات، بحيث أصبح التصنيف حاداً. يقول الباحث الاجتماعي أحمد سالم ولد زياد لـ "العربي الجديد": "إن الفرق بين الأحياء الشعبية وأحياء الأغنياء، يعكس مستوى الغبن، وغياب العدالة، فالخدمات عموماً والبنية التحتية ضعيفة جداً، هي بالتأكيد أضعف في الأحياء الشعبية، أما الغبن فيظهر جليا ًفي السلطة والوظائف والصفقات والمنح الدراسية والأرصدة".
ويعتبر ولد زياد أن خطط الدولة لتنظيم المدن فاقمت المشكلة، فالدولة بدلاً من أن تلجأ إلى تنظيم المدن، عمدت إلى عزل الفقراء عن الأغنياء، وشرعت إقامة بيوت الصفيح والعشوائيات في العاصمة.
وبحسب ولد زياد، لا تكمن المشكلة في وجود أحياء فقيرة وأخرى غنية، بل تكمن في انتشار الفساد المؤدي إلى هذا التفاوت الكبير في الفرص بين مواطنين لا يملكون شيئاً ومواطنين يملكون كل شيء.
من جهته، يرى الباحث الاقتصادي الدكتور الهادي ولد أبوه أن الأسباب التي أدت إلى تفاقم الفوارق الشاسعة في الخدمات بين الأحياء الفقيرة والثرية هي طبيعة النظام السياسي والاقتصادي للبلد، فاستشراء الفساد والمحسوبية من العوامل الأكثر ترسيخا لهذه الظاهرة، وكل هذا أدى إلى انعدام أو تدنٍّ في مستويات الدخل، انتشار البطالة، انخفاض مستوى المهارة وظهور الأمية، بالإضافة إلى ظهور وانتشار الأمراض وانخفاض مستوى الرعاية.
ويقول ولد أبوه "إن السياسات الاقتصادية كانت عاملاً أساسياً في زيادة الهوة، لأنها لم تكن محابية للفقراء عموماً، ومن بين تلك السياسات التركيز الاحتكاري لاستيراد المواد الأولية والذي يعتبره البعض سياسة ممنهجة، ورفع الدعم عن المحروقات الذي لم يكن مخططاً بشكل يضمن عدم تأثيره على الطبقات الفقيرة".
اقرأ أيضاً:المدن الموريتانيّة تختنق سكانيّاً وسط تعاظم الأزمات