أحزاب مغربية تبحث عن المصالحة الداخلية

28 نوفمبر 2015
ظهرت التحوّلات الحزبية عقب الانتخابات المحلية (فضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -

شرعت أحزاب سياسية مغربية كبرى في البحث عن جسور المصالحة مع الغاضبين في صفوفها، خصوصاً بعد ظهور تيارات تناوئ قيادات هذه الأحزاب، وأخرى ذهبت إلى حدّ مغادرة البيت الداخلي. وبدأت تلك الأحزاب مدّ يد الصلح إلى مؤسسي التيارات المناهضة لهم.

وكان حزبا "الاستقلال"، و"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، من أكبر الأحزاب المغربية التي نالتها الكثير من سهام النقد، وشهدت العديد من التحوّلات الداخلية العميقة التي أثرت على مسار هذه الأحزاب. وظهرت هذه التحوّلات منذ انعقاد مؤتمراتها الوطنية قبل أشهر قليلة، وتسلّم حميد شباط الأمانة العامة لحزب "الاستقلال"، وإدريس لشكر الأمانة العامة لحزب "الاتحاد الاشتراكي"، لكن الخلافات تعمّقت بعد النتائج السلبية التي حصل عليها الحزبان معاً في الانتخابات الجهوية والمحلية. وقد انبثق من رحم "الاستقلال" تيار "بلا هوادة"، الذي أظهر معارضته لشباط، بينما انشقّ عن "الاتحاد الاشتراكي" غاضبون، حاولوا تأسيس حزب جديد.

ويرى مراقبون أن السبب الرئيسي في ظهور هذه النتوءات السياسية داخل عدد من الأحزاب المغربية، حتى لو كانت توصف بـ"التاريخية"، يتمثل في انعدام، أو على الأقلّ، غياب ما أسموه "الديمقراطية الداخلية" في عمل هذه الأحزاب، ليغيب الأفق عند الكثير من الأعضاء، بسبب هيمنة الزعماء على عملية اتخاذ القرار، وعدم إفساح المجال للكوادر في قواعد الحزب.

مع ذلك، أعلن شباط رغبته في إجراء مصالحة سياسية مع أعضاء ومؤسسي تيار "بلا هوادة"، قبل عقد المؤتمر السابع عشر للحزب بعد أشهر قليلة، كما قرر إلغاء جميع القرارات التأديبية التي اتُخذت بحق بعض معارضيه، من المنتسبين إلى تيار "بلا هوادة"، والدعوة إلى عقد دورة استثنائية للحزب، بحضور جميع أعضائه.

اقرأ أيضاً: المغرب يجني أرباحاً من تراجع النفط

ويكشف شباط في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هذا القرار يُعتبر خطوة تاريخية في هذا الحزب العريق، الذي لم يُعرف عنه أنه أقصى أي طرف أو أية جهة في البيت الداخلي للحزب"، مضيفاً أن "القرار يأتي لتمهيد الظروف الحزبية والسياسية المناسبة، لخوض غمار الانتخابات البرلمانية العام المقبل".

من جهته، أكد رئيس حركة "بلا هوادة"، عبدالواحد الفاسي الفهري، أنه "يقبل اليد الممدودة من طرف الأمين العام لحزب الاستقلال، على الرغم من الاختلافات الداخلية في تقدير المواقف والقرارات، في فترة سابقة، تحديداً في قرار انسحاب الحزب من الحكومة، جراء خلافات بين شباط و(رئيس الحكومة) عبدالإله بنكيران".

ويشير الفاسي، في تصريحات صحافية، إلى أن "حزب الاستقلال يعيش بداية مصالحة داخلية، وأن حركة بلا هوادة، يمكنها أن تقدم الإضافة اللازمة لهذه المصالحة وتحقيقها على الأرض"، مضيفاً أن هذه "ستُشكّل نهاية مرحلة سابقة، وبداية مرحلة جديدة في تاريخ حزب الاستقلال في هذه الظروف الحساسة".

أما حزب "الاتحاد الاشتراكي" فيسير على إيقاع مشابه لإيقاع "الاستقلال"، بعد أن دعا لشكر، الغاضبين والمحتجين داخل حزبه، الذين يهيئون لتأسيس حزب جديد يُدعى "البديل الديمقراطي"، إلى الحوار، بهدف إعادة ترتيب أوراق البيت الاتحادي.

ويُشدّد لشكر على أن "حزب الاتحاد الاشتراكي، أحد أعرق وأكبر الأحزاب السياسية في البلاد، لن يكون قوياً إلا بجميع أعضائه، والعمل من داخل الحزب لا خارجه". ويلفت إلى أن "الصراعات الموجودة في البيت الاتحادي تُضعف جسد الحزب، بالتالي فإن الحوار وإصلاح ذات البين، من شأنه تقوية الحزب في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة".

ويعتبر لشكر، في لقاء لحزب الاتحاد الاشتراكي، أن "الحوار الداخلي مع الغاضبين والمنتقدين بات آلية ضرورية، لأن الحزب يَسَع الجميع، ولا يمكنه أن يُقصي أو يُهمّش أبناءه ومناضليه"، مبرزاً أن "الشرط الوحيد لهذا الحوار أن يكون بنّاءً لا هدّاماً، وأن يكون رهانه المستقبل، لا الارتهان إلى الماضي".

اقرأ أيضاً: المغرب يحبس أنفاسه.. الإرهاب يهدد 4 ملايين سائح فرنسي

المساهمون