أحدَ عشرَ عاماً .. هل من أمل؟

10 ابريل 2014

جنود أميركيون في الناصرية في 2011 (أرشيفية)

+ الخط -
أحد عشر عاماً أسودَ مرَّت على بغداد، غداة استباحها هولاكو الجديد. مرّت والأفّاكون يمعنون تمزيقاً في جسد الشعب العراقي العظيم، وفي حدوده، وفي ثرواته، فهل من أمل؟
رزئت بغداد، ورزئ العراق، والأمة، بفقدان العراق كيانه ووحدته ودوره الجوهري والمحوري في أمن الأمة. غاب العراق عن معادلة التوازن الإقليمية، فانتعشت طهران، كأنها لا تنتعش إلا بغياب بغداد، وبغداد أم الثقافة والحضارة العربية والإسلامية. لكن، حقيقة الحال هي فعلاً أن طهران، ومشروعها التوسعي، لا ينتعشان إلا بغياب بغداد. مشروع طهران هو الامتداد من أفغانستان إلى المتوسط، ووقوف بغداد وصمودها يمنعانه، ويقبرانه. الامتداد من أفغانستان إلى المتوسط هو قلب مشروع المحافظين الجدد أيضاً، الشرق الأوسط الجديد، فكيف هذا التطابق؟ وهل هو ما هدف إليه هؤلاء المحافظون المتحجرون من مشروع غزوهم أفغانستان أولاً، ثم بغداد؟ وهل هو هذا ما جاء جيش الجبار الكوني الكبير ليغزو بلداً، تدين الإنسانية له بقلمها الذي تكتب به حضارتها؟ التساؤلات كثيرة، والإجابة واحدة: نعم وبالتأكيد. مشروعان هما، في حقيقة أمرهما، مشروع واحد ذو وجهين، أميركي وإيراني، ما إن فشل أولهما، حتى انطلق الثاني، كأنه، كما يقول الأميركيون،" الخطة ب"، وتعني الخطة البديلة التي يتم تبنيها، وتطبيقها، حال فشل الخطة الأساسية.
جلب انتباهي واهتمامي هذا التطابق المثير بين المشروعين، فرحت أنقب، وأبحث الدور المزدوج للطرفين. ليس في العراق فحسب، بل، وعلى امتداد المحور الأساسي الذي يمثله المشروع الذي أصبح من حقنا أن ندعوه مشروعاً واحداً بوجهين، فتوصلت إلى الدور المزدوج الذي يقوم به الطرفان في أفغانستان، ثم في العراق، وفي سورية، بعد انطلاق ثورتها والتعاون الواضح غير المعلن لإجهاضها، وغض النظر عن اشتراك الحزب الإيراني في قتل الشعب السوري، والدور الذي يلعبه الطرفان حتى على الجوار ... لننظر إلى اليمن، والخليج العربي.
بعد هذا كله، هل من أمل؟ نعم. الأمل موجود. انطلاقة المقاومة في العراق، يوم الغزو والاحتلال، هو ما أجهض المشروع الأول، مشروع المحافظين الجدد، وأجبر الولايات المتحدة على الانسحاب في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2011، والاعتصامات، وما أعقبها من ثورة شباب العشائر في المحافظات الست المنتفضة، هي ما ستقبر المشروع الإيراني، وأدواته، إلى الأبد.
الشعوب بركان هائل يسكن زمناً، لكنه يتحول إلى جحيم يحرق، بحممه، من يقف بوجهه.  فهل سترسم الثورتان السورية والعراقية الفجر الباسم لمستقبل عربي جديد. الأمل كبير، فبغداد العروبة هي التي وقفت أسوارها في وجه مشروعٍ إيراني قديم، ستدمر المشروع الجديد الذي بشر ذيول إيران في العراق بأنهم سيقاتلون عنه على أسوارها.


 

1A477647-929B-4EC8-8E6F-618EA45CF1B3
عبد الوهاب القصّاب

كاتب وباحث عراقي، لواء بحري ركن سابق في الجيش العراقي، عمل مستشارًا للشؤون البحرية لرئيس الأركان، والمستشار الأقدم للبحوث والتّطوير لرئيس الأركان، ومعاونًا لقائد القوّة البحرية لشؤون الإمداد. وباحثًا في مركزي دراسات في جامعتي المستنصرية وبغداد.