أجهزة الأشعة معطلة في مصر

04 اغسطس 2018
مستشفيات مصر تعاني (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

لا تنتهي المشكلات التي تطاول القطاع الصحي في مصر. إلى جانب فقدان أدوية داء السكري من الأسواق أخيراً والنقص في حاضنات الرضّع ومعاناة المصابين بأمراض مزمنة، تأتي أزمة أجهزة الأشعّة في المستشفيات الحكومية.

"جهاز الأشعة عطلان" عبارة متكررة اعتاد المرضى سماعها، في عدد من المستشفيات الحكومية في مصر، لإجراء تصوير شعاعي وغيره من أنواع التصوير الطبي. والحلّ الوحيد لإنقاذ حياة المريض هو إخراجه إلى أحد المختبرات الخاصة أو المراكز الطبية المحيطة بالمستشفى، وهو ما يكلف المريض مبالغ مالية كبيرة تضاف إلى المعاناة الأولى عند دخوله إلى أحد المستشفيات الحكومية، سواء على صعيد نقص الأدوية وغياب الأطباء أو توافر العدد الكافي من الأسرّة، بالإضافة إلى مشاكل كبيرة في حجرة العمليات وغرفة الطوارئ.

أبدى عدد من المرضى تذمرهم واستياءهم من جراء توقف أجهزة الأشعة، واشتكوا من ارتفاع كلفة التصوير في المراكز الخاصة. وتعاني تلك الأجهزة من أعطال متكررة، وغياب الصيانة أو قطع الغيار الخاصة بها، بالرغم من كلفة تلك الأجهزة المرتفعة، كما توقفت عشرات من تلك الأجهزة عن العمل وباتت "خرابة" كما يقول البعض، في ظل عدم توافر اعتمادات مالية لشراء أجهزة جديدة.

تتنوع أجهزة الأشعة في مصر، فمنها أجهزة الأشعة السينية (أكس) عند الاشتباه في وجود كسر في العظام، أو الاشتباه في وجود حصى في الكلى، ومنها الأشعة فوق الصوتية (السونار) للسيدات الحوامل، بالإضافة إلى أشعة الصبغة (كوليسيستوغرافي)، والتصوير بالموجات فوق الصوتية (ألترا ساوند)، والتصوير المقطعي (سي تي سكان)، والرنين المغناطيسي (إم آر آي)، والأشعة التدخلية (آي آر)، والمسح الذري أو الصورة النووية (سينتيغرافي).




يعتبر أحد المسؤولين في قسم أشعة تابع لمستشفى حكومي، أنّ هناك من يتعمّد تعطيل أجهزة الأشعة من أجل تحويل المريض إلى مختبرات خاصة مقابل "نسبة مالية"، وهو أمر قائم في عدد كبير من المستشفيات الحكومية بالمحافظات المصرية، موضحاً أنّ هناك أطباء من أصحاب الذمم المتهرئة ممن يفعلون ذلك. يوضح أنّ هناك فساداً مالياً كبيراً في أقسام الأشعة بالمستشفيات، إذ تتوافر أجهزة بالمليارات داخل الغرف، لكنّ منها ما هو معطل لغياب الصيانة، ومنها أحيل على التقاعد لغياب قطع الغيار، وغيرها من المشاكل، وهو ما يعد ضياعاً للمال العام تحت مرأى ومسمع من مديري المستشفيات. يلفت إلى أنّ الأمر وصل إلى حدّ إشعال النيران في تلك الأجهزة للقضاء عليها تماماً.

يضيف المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويّته، أنّ انقطاع التيار الكهربائي المفاجئ والمتكرر يعتبر أيضاً من أسباب تعطل الأجهزة الطبية واحتراقها، وتعطل التكييف الخاص بغرف الأشعة في ظلّ عدم وجود أجهزة منظمة لدخول الكهرباء حال توقف التيار. يشير إلى أنّ المستشفيات الحكومية في المحافظات المصرية تعاني من نقص حاد في أعداد فنيي الأشعة، نتيجة ضعف الرواتب، إذ يتوجه كثير من هؤلاء إلى القطاع الخاص أو يسافرون إلى الخارج، نتيجة العائد المادي الكبير.

بدوره، يعترف أحد مديري المستشفيات الحكومية في مصر، بالمشاكل التي تواجهها مختبرات الأشعة في مستشفيات الدولة، مؤكداً أنّ العشرات منها متوقف عن العمل، إما لغياب الاختصاصيين عن العمل لأسباب مادية، أو تعطلها عن العمل، مما أدى إلى وقف أجهزتها حتى إشعار آخر. يضيف أنّ المئات من المستشفيات الحكومية في مصر تعاني من نقص شديد في الأجهزة الطبية، ونقص في بعض الاختصاصات، ما جعلها غير مهيأة تماماً لاستقبال الحالات المرضية الحرجة.

يتابع المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه أنّه خاطب وزارة الصحة لتوفير احتياجات المستشفى الذي يتولى إدارته من الأجهزة الطبية، فكان جواب الوزارة أنّ ذلك "سيتم لاحقاً"، فيما يشير إلى أنّ نقص التجهيزات في المستشفيات، خصوصاً في المناطق البعيدة عن مراكز المحافظات يقتل مئات المرضى سنوياً.




فى جولة لـ"العربي الجديد" داخل مستشفى "شبرا العام" بشمال القاهرة، حيث المعاناة اليومية لآلاف المرضى المتضررين من تعطل أجهزة الأشعة، يقول أحد المواطنين ويُدعى حمادة أبو بكر، إنّ أخاه أصيب في حادث دراجة نارية، وجرى تحويله إلى المستشفى، وفوجئوا بعد دخولهم بتوقف قسم الأشعة عن العمل، مما استدعى نقله إلى مختبر خاص لإجراء الأشعة اللازمة، ثم العودة مرة أخرى لتلقي العلاج من إصابته بكسور بجميع أنحاء جسده جراء الحادث.

بدوره، يعبر، محمد مدكور، عن غضبه من التنقل بين المستشفيات ومراكز الأشعة الخاصة لإجراء الأشعة المطلوبة، مشيراً إلى أنّه كان بصحبة أحد أقاربه الذي كان يتلوّى من شدة الألم ببطنه، والطبيب طلب مجموعة من الصور الطبية، وهو ما جرى بالفعل، لكنّ المشكلة كانت في التنقل والأسعار المرتفعة في القطاع الخاص، الأمر الذي يحمّل أسر المرضى عبئاً كبيراً من حقهم ألا يحملوه.
دلالات