أثر أسعار الفائدة على الأوراق المالية

22 يونيو 2015
قطاع المصارف في صدارة القطاعات التي تتأثربتغير أسعار الفائدة(Getty)
+ الخط -
تقوم المصارف المركزية أو من يقوم بأعمالها بمراجعة دورية للسياسات النقدية في الدولة، والتي تحدد على ضوئها نسب معدلات الخصم والفائدة، وتطبق تلك المعدلات على القطاع المصرفي والمالي في التعاملات وعلى كافة الأوجه ما بين المصرف المركزي وتلك المصارف أو ما بين المصارف والعملاء أو أي تعامل نقدي آخر، كما تقوم بطرح أذونات خزانة وسندات حكومية، إما في الحصول على تمويل مشاريع حكومية بفائدة محددة أو لتقليل التضخم من خلال التحكم في حجم السيولة النقدية الموجودة لدى المصارف المحلية.

تتحكم أسعار الفائدة على مقدار التكاليف المضافة على رأس المال المقترض، والذي يعتبر بمثابة عنق الزجاجة لتحديد أرباح الشركة من المشروع، وتلك المشاريع والعقود الكبيرة تتأثر بالنسب وتغيّراتها، ولذلك فإن القطاعات المختلفة تنظر لعملية تغيّر الفائدة بأنها عملية ذات ارتباط مباشر بسلسلة الأعمال الخاصة بها، كون التمويل الخارجي أحد أهم أركان الهيكلة المالية لتلك القطاعات.

اقرأ أيضا: تداولات البورصات خلال شهر رمضان

تنعكس أسعار الفائدة والخصم مباشرة على أسعار الأسهم التي هي أكثر حساسية من تلك القرارات وذلك لعدد من الأسباب؛ أهمهما مقدار التمويلات المتوقعة بعد القرار نحو شراء الأوراق المالية، بمعنى آخر تخص تلك القروض التي تقابل ضمانات ذات طبيعة خاصة، وهي أوراق مالية ما بين أسهم أو سندات أو كل منهما.

وكثير من المؤسسات المالية العاملة في أسواق رأس المال تعمل في نطاق قرار التغيّر لأسعار الفائدة، بحيث يكون الفارق ما بين سعر الفائدة المحصلة من عملائها وسعر الخصم المستحق عليها جراء حصولها على تمويلات نقدية لتجارة الأوراق المالية أو نشاط ذي طبيعة مشابهه، وهذا هو ناتج العمليات ويحدد الأرباح والخسائر وفق ذلك الهامش، إضافة إلى فوارق التغيّرات السعرية التي تمر بها الأوراق المالية في البورصات.

اقرأ أيضا: "هيكلة رأس المال" في ظل الأزمات

ويأتي قطاع المصارف في صدارة القطاعات التي تتأثر بمثل تلك القرارات، إذ إنها تتأثر في نشاطها المباشر مع عملاء المصارف، والمصارف نتيجة ميزان التدفقات النقدية ما بين الودائع ومقدار الفائدة المستحقة للعملاء والقروض التي تستقطع أقساطها من العملاء مقابل سعر خصم ثابت أو متغيّر، ولهذا فإن ارتفاع أسعار الفائدة ينعكس إيجاباً على المصارف في وقت محدد إذا ما كان المصرف فرضياً قد قام بالتوسع في التمويلات والإقراض، والعكس صحيح في حال زيادة الودائع على حساب الإقراض وهو معدل الائتمان والنشاط المصرفي.

وهناك جانب آخر للمصارف في تأثرها بقرار التغيّر لمعدل الفائدة يكمن في مقدار الودائع الخاصة بالمصرف المركزي لدى المصارف وحجمها وارتباط السعر المقدم من تلك الودائع وهو ما يسمى بسعر الخصم البيني، أي ما بين البنوك المركزية والمصارف الأخرى، كما ينطبق ذلك في تعاملات المصارف في ما بينها ومقدار الإقراض لها وعليها.

هجرة السيولة من الودائع إلى الأسهم
وتعتبر الودائع أحد أهم الأدوات الاستثمارية الأكثر تقبلاً في التعاملات المالية والاستثمارية كونها تحمل مخاطر مقبولة للجميع وتكاد تكون مضمونة نظراً لارتباطها بأهم قطاع بالدولة وهو المصارف الذي تقوم بحمايته الدول من التقلبات قدر المستطاع، وحيث إن أبرز التشددات التشريعية وأكثرها تنظيماً يحوي هذا القطاع.

اقرأ أيضا: المراقب الخارجي والثقة بالشركات المدرجة

والودائع تعتمد تدفقاتها الطبيعية على مقدار الفائدة المقررة من البنك المركزي ولذلك نجد أن الأدوات الأخرى المنافسة تشهد نشاطاً كبيراً حال تخفيض سعر الفوائد، ومن أهم تلك الأدوات المنافسة هي الأوراق المالية والأسواق المالية بشكل عام، وهذا ما يفسر ارتفاع أسواق رأس المال والبورصات فور قرارات التخفيض لسعر الفائدة في مختلف البنوك المركزية عالمياً.

ومن أهم القرارات التاريخية التي أثرت على أسواق المال في العالم هو قرار الفدرالي الأميركي رفع الفائدة بشكل مفاجئ وبتوقيت خاطئ في عام 1937 لينتج عن ذلك القرار الكساد المالي المعروف في ذلك الوقت، وهذا ما تمت الاستفادة منه في معالجة آثار الأزمة المالية في عام 2008 لتقوم المصارف المركزية بتخفيض سعر الفائدة وتقلل من حجم الخسائر التي منيت بها الأسواق المالية العالمية جراء تعامل السوق الأميركي بالهامش العقاري الذي تفاقمت مشاكله جراء إقراض كبير في ذلك المجتمع بتسهيلات طويلة الأجل وبفوائد كبيرة.

ومن كل ما سبق فإن العلاقة العكسية ما بين أسواق رأس المال والبورصات من جانب وأسعار الفائدة من جانب آخر قد حددت مسبقاً كيفية التعامل من قبل المتداولين والمستثمرين في تلك الأسواق مع أي قرار يخص تخفيض أو رفع سعر الفائدة، كما أن اجتماعات المراجعة في الدول المتقدمة يتم الإعلان عنها مسبقاً لما تحمله تلك المعلومات من آثار جوهرية تغيّر الكثير من القرارات ذات الصلة في التداولات اليومية في الأسهم والسندات والتي تختلف تماماً عن الأدوات الأخرى.

اقرأ أيضا: التكوين المثالي للمحفظة الاستثمارية

أما السندات والصكوك تحديداً فهي تتأثر بعلاقة طردية مع رفع أسعار الفائدة، إذ إن تكوين ناتج أرباحها لحملتها هو سعر الفائدة المتاح في الأسواق المالية.
(خبير مالي كويتي)
المساهمون