شاهدْ وتعّلمْ، أولى نصائح والده له أثناء متابعتهم لمباريات كأس العالم 1978 حينما قاد البوهيمي، سيزار لويس مينوتي، راقصي التانجو نحو الذهب الأصيل، وقتها تعّلق دييجو كثيراً بدانييل باساريلا، وحلم أن يدافع عن ألوان بلاده في يوم ما. كيف يمشي باساريلا، كيف يتحرك، كيف يلعب، لقطات بسيطة ساهمت في تكوين عقل الطفل الصغير. لقد اختار كرة القدم عن اقتناع تام.
وفي مرحلة الشباب، كانت أفضل متعة لسيميوني هي الراحة في البيت مع أكل شرائح البيتزا، ومشاهدة إبداع دييجو أرماندو مارادونا مع نابولي. إنه الشغف في أعتى صوره الذي جعل اللاعب الصاعد يأمل في كتابة اسمه وسط هؤلاء العمالقة، عندما تتاح له الفرصة.
ومع بدايات الحلم جاءه وكيل أعماله ليقول له، من الممكن أن تلعب في إيطاليا، لكن أمامك أربعون دقيقة لكي تقرّر. وقتها كان والداه خارج البلاد، وفي عزلة إجبارية اختار الشاب أول مغامرة حقيقية في حياته، أن يترك الأرجنتين وينطلق نحو بلاد الباستا لتبدأ الرحلة التي تصل إلى قمتها في العاصمة الأسبانية، مدريد، وبالتحديد مع ناديها الثاني، الأتليتي.
أكبر قصة حب في حياة المدرب الأرجنتيني مدينة بيونس آيرس، العاصمة التي خطفت قلبه من النظرة الأولى، لكنه يؤكد أن مدريد فيها أشياء من معشوقته القديمة، وهو شخصياً لا يعرف لماذا، عاش في روما وميلانو وأكثر من مدينة، لكنه يرتاح بجوار "الفيثتني كالديرون"، ربما هي تلك اللحظة الرومانسية وسرّها الغامض.
ويكشف سيميوني عن سرّ من أسرار عشق "الروخي بلانكوس" لناديهم وفريقهم، ويقول إن الأمر أكثر من مجرد تشجيع، إنه أكبر من ذلك بمراحل، إنه الحب والعشق ولا شيء سواه، لذلك فإن كل لاعب داخل فريقه يجب أن يفتخر بكونه عضواً من هذا المكان، ويجب أن يلعب حتى آخر نفس من أجل إسعاد الجماهير.
بأقل إمكانيات ممكنة، لا صفقات كبيرة ولا (شو) إعلامي، فريق رحل عنه فالكاو، وجاء بدافيد فيا فقط، ورغم ذلك، الأتليتكو يقدم مستوى أفضل من الموسم الماضي، والسر في قوة وقيمة التكتيك المطبق ... الروخي بلانكوس هو الفريق الإسباني الوحيد في تطبيق الضغط المرتد ولا ينافسه في أوروبا إلا بوروسيا دورتموند، التمركز على حافة منتصف الملعب والضغط العالي جداً على المنافس في الوسط، وحينما تُخطف الكرة، تبدأ مرتدة قاتلة من نصف الملعب.
اللاعب السابق لمن يتّذكره كان يُشبه إلى حد كبير مقاتلي أتليتكو مدريد، روح غير طبيعية وطاقة هائلة، وتدخلات قوية إلى درجة العنف المشروع مع مهارة القيادة، هي فعلاً مهارة وليست وظيفة، لأن اللاعب القائد تتوافر داخله جينات غير موجودة في أي لاعب آخر.
ثلاث إلى أربع لمسات توصل المهاجم إلى منطقة الجزاء، هي استراتيجية تختلف تماماً عن أفكار مورينيو الذي يعتمد أكثر على خط الدفاع المتأخر أمام خط الـ 18، وليس في منتصف الملعب كما يفعل كلوب وسيميوني ... رجل عرف كيف يحّول مدافعي أتليتكو مدريد من مجرد هواة سذج إلى أبطال يعرفون كيفية التمركز، وأين يبدأ الضرب المشروع، ومتى يكون التدخل غير الشرعي.
وحول الفرق بين الكرة الجميلة ونظيرتها القبيحة، يشير "الشولو" إلى أن هذه المسميّات من إنتاج وسائل الإعلام، في النهاية كرة القدم عبارة عن فلسفة مقابل أخرى وفكر ضد آخر.
صحيح أن برشلونة ومنتخب إسبانيا يلعبان بطريقة جميلة للغاية، لكن في النهاية اللعبة تشبه السيارة، إذا لم تكن تملك الفيراري، فيجب عليك أن تحاول الوصول إلى نهاية السباق بالعربة التي تملكها، مهما كانت المعوقات.
والجدير بالملاحظة أن سيميوني يفتخر على طول الخط بأنه لا يقرأ ولا يستمع إلى وسائل الإعلام، ولا يعرف ماذا يكتبون عنه سواء بالسلب أم بالإيجاب، سياسة الصعود في هدوء والنجاح في الظل انتهجها المدير الفني ولاعبوه خلال المواسم الماضية، لكن نجاحهم هذا الموسم فجّر الأجواء الرياضية في إسبانيا والعالم.
ليكشف في النهاية عن قيمة النجاح وأسبابه في أول لقاء جمعه بلاعبي الأتليتي عند اختياره لتدريب الفريق، قال لهم كلمات سريعة ومؤثرة، سأغفر أي أخطاء، لكن علينا أن نعمل بجد حتى النهاية، وإذا آمنا بأنفسنا سنصبح الأبطال فيما بعد. الملخّص يكمن في الإيمان، بالنفس، بالفريق، وبالمدرب في النهاية.