عادت حكومة أبوظبي مُجدداً لتحريك شركات العلاقات العامة البريطانية، وأدواتها من وسائل إعلام وصحافيين بريطانيين لفبركة الأخبار المسيئة لدولة قطر. وأفادت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" بأن سفارة الإمارات العربية المتحدة في لندن تستعين منذ عام 2010 بخدمات شركة العلاقات العامة والاتصال السياسي "كويلر" التي تضم في فريق عملها مستشارين سابقين لرؤساء الوزراء في بريطانيا، وقيادات حزبية، وصحافيين وإعلاميين سابقين وخبراء في الدبلوماسية العامة والعلاقات الدولية، كذلك تضمّ المتحدث السابق باسم الحكومة البريطانية (أول متحدث رسمي باللغة العربية) جيرالد راسل.
وتُسند السفارة إلى "كويلر" مهمة العلاقات مع الأوساط الإعلامية البريطانية، بالإضافة إلى مهمة العلاقات العامة مع أعضاء مجلس العموم البريطاني، عبر مجموعة أصدقاء الإمارات في البرلمان، والتي ساهمت "كويلر" في تأسيسها، وتضم في عضويتها النائبين مايك فرير، أحد مؤسسي مجموعة أصدقاء إسرائيل في البرلمان البريطاني، واعتبرته صحيفة "جويش كرونيكل" الصهيونية الصادرة في لندن أحد أهم 100 شخصية مؤثرة في الوسط اليهودي، علماً بأنه غير يهودي. والنائب ستيفن ياركلي، وهو من أصدقاء مركز إسرائيل للتقدم الاجتماعي والاقتصادي المعروف بـ(ICSEP).
وقد رجحت مصادر "العربي الجديد" أن تكون جهود "كويلر" قد نجحت في تجنيد عدد من الصحافيين وحتى النواب لإذكاء حملة العلاقات العامة المعادية لدولة قطر.
وكشف تحقيق أجرته صحيفة "ميل أون صندي" البريطانية أواخر عام 2015 أن حكومة أبوظبي دفعت لمؤسسة "كويلر" للعلاقات العامة، ومقرها لندن، ملايين الجنيهات لتنظيم حملات هجوم وتشويه في بريطانيا ضد قطر والإخوان المسلمين.
وقال تقرير "ميل أون صندي" إن أبوظبي دفعت لشركة "كويلر" للاستشارات والعلاقات العامة نحو 93 ألف دولار شهرياً، لمدة ست سنوات، مقابل تقديم المعلومات للصحافيين الذين تجندهم "كويلر" لفبركة الأخبار والتقارير التي تشوّه سمعة قطر وتتهم قطر بتمويل الإرهاب. كذلك أناط العقد بـ"كويلر" مهمة تشويه سمعة الصحافيين البريطانيين الذين يتطرقون للشؤون الإماراتية سلبياً.
وينصّ العقد بين سفارة الإمارات العربية المتحدة في لندن و"كويلر"، والذي اطلعت عليه صحيفة "ميل أون صنداي"، بضرورة التزام الطرفين أقصى درجات السرية.
وقال كاتب التقرير، الصحافي ديفيد روز، إنه اطلع على مراسلات إلكترونية تشدد على أهمية "سرية العلاقة" حتى لا تتهم الإمارات العربية بالتدخل في الشؤون الداخلية البريطانية في حال انكشف دورها في توظيف "كويلر" للتأثير في السياسة الداخلية البريطانية، من قبيل الدور الذي لعبته "كويلر" في الضغط على الحكومة البريطانية من أجل تصنيف تنظيم الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.
وكشف تحقيق "ميل أون صنداي" أن نسخاً من المراسلات بين سفارة الإمارات في لندن و"كويلر" كانت تُرسل الى خالد بن محمد بن زايد، نجل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ونسخاً أخرى إلى مساعد وزير الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، ورئيس صندوق أبوظبي للاستثمار، ورئيس نادي "مانشستر سيتي"، خلدون المبارك.
وأضاف كاتب التحقيق أنه حصل على نسخة من بريد إلكتروني أرسله المستشار جيرالد راسل إلى رؤسائه في لندن وأبوظبي، يطلعهم فيه على مقال كتبه الصحافي لاندرو غيليغان في صحيفة "صنداي تلغراف"، يتهم قطر بتمويل الإرهاب. وأرسل المستشار راسل نسخة من المقال بالبريد الإلكتروني إلى كل من خالد بن محمد بن زايد وأنور قرقاش، وكتب: "بوم!... صاحب السمو، معالي الدكتور أنور، أعتقد يجب أن تشاهد هذا المنتج، أحدث جهودنا في تغيير قواعد اللعبة في بريطانيا، المزيد في المستقبل". وكتب أنور قرقاش رداً قال فيه: "نقترح أن نستمر في تطوير العلاقة مع غيليغان وتمرير المواد له على أساس منتظم".
وتلت تلك الرسالة حملة لمدة شهرين ضد قطر، نشرت خلالها "تلغراف" 34 مادة صحافية، معظمها بقلم غيليغان، وكانت كلها تتهم الدوحة بتمويل الإرهاب.
وعلى الجانب الآخر من الصورة، وظّفت حكومة أبوظبي رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، ليقوم من خلال مكتبه الاستشاري بتنظيم حملات لتحسين سمعة الإمارات وتعزيز نفوذها السياسي. وكتب جوزيف كورتيس، في تحقيق نشرته صحيفة "ميل أون لاين" منتصف العام الماضي، أن بلير طلب 35 مليون دولار لقاء تقديم الاستشارات لحكومة أبوظبي، لمدة خمس سنوات، ويشمل ذلك تغطية أتعاب مهنية والنفقات، بما في ذلك النفقات النقدية لتغطية تكاليف سفر بلير 12 مرة في كل سنة إلى أبوظبي.