في الأحوال الطبيعيّة، يتولّى الأب والأم أو الجد والجدة رعاية الأطفال إذا شعروا بإعياء، أو يساعدونهم في حال احتاجوا إلى أي شيء. لا يحدث هذا لدى أكثر من مليون أسرة أميركية، كما كتبت جاين برودي في صحيفة "نيويورك تايمز". فالأطفال الذين ينتمون إلى هذه العائلات، والذين تراوح أعمارهم ما بين 8 و10 سنوات، يتحملون مسؤولية رعاية الكبار أو الأشقاء. يتولى هؤلاء التسوق وإعداد وجبات الطعام وتنظيف المنزل، بالإضافة إلى الرعاية الصحية.
في الوقت نفسه، يذهب هؤلاء الأطفال إلى المدارس ويؤدون واجباتهم المدرسية. إلا أنهم غالباً ما لا يشاركون في أي نشاطات خارج المدرسة، حتى لو اقتصر الأمر على لقاء أصدقائهم.
تقول الممرضة كوني سيسكوسكي إنها كانت في الحادية عشرة من عمرها حين انفصل والداها، وعاشت في منزل جدّيها. بالنسبة إليها، كان جدّها "بطلي الوحيد. وكان الاعتناء به بمثابة فخر لي. كنت أنام في غرفة المعيشة لأكون قريبة منه في حال احتاج إلى أي شيء ليلاً. في إحدى المرات، توجهت إليه لأعطيه الدواء، إلا أنه كان قد توفى نتيجة أزمة قلبية". بعد هذه الحادثة، اتخذت خيارات خاطئة عدة. اختبرت ثلاث زيجات فاشلة قبل أن تتعرف إلى الشخص المناسب، وبدأت العمل على مساعدة الأطفال الذي يقدّمون الرعاية للآخرين، ومحاول الحد من الآثار السلبية الناتجة عن الأمر.
وبفضل مبادرتها التي حوّلتها إلى جمعية تحت عنوان "الجمعية الأميركية للأطفال مانحي الرعاية"، استفاد أكثر من ألف طفل من الذين يعتنون بأقاربهم في فلوريدا من دعم المنظمة، علماً أن ما يصل إلى 1.4 مليون طفل أميركي تراوح أعمارهم ما بين 8 و18 عاماً يتولون رعاية والد أو جد أو شقيق بسبب المرض أو الإعاقة (بحسب الرابطة الأميركية لعلم النفس). وهذا الرقم يشير إلى وجود مشكلة خفيّة.
من جهة أخرى، يشعر الآباء بالحرج في كثير من الأحيان، ولا يخبرون المدرسين في المدارس بأن أطفالهم يتولون رعايتهم، فيما يخشى الأطفال أن يلجأ أهلهم إلى منعهم من متابعة تعليمهم. وعادةً ما يعاني هؤلاء الأطفال من القلق والاكتئاب والتوتر وغيرها من المشاكل، بحسب العضو في التحالف الوطني لتقديم الرعاية غايل هانت، والتي تقول إن 58 في المائة من هؤلاء الأطفال يخشون عدم قدرتهم على التركيز في المدرسة، من دون أن يخبروا مدرسيهم عن أدوارهم في البيت.