أبناء اللبنانيات ينتظرون وزارة التربية

02 سبتمبر 2020
في الشتاء الماضي قبل إقفال المدارس (حسام شبارو/ الأناضول)
+ الخط -

تتواصل ردود الفعل حول عدم شمول أبناء اللبنانيات المتزوجات من أجانب ضمن قرار التسجيل في المدارس الرسمية، الصادر عن وزارة التربية والتعليم العالي

استثنى وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال، طارق المجذوب، في قراره الأخير الخاص بالعودة إلى المدرسة، أبناء اللبنانيات المتزوجات من أجانب، من التسجيل في فترة قبل الظهر المخصصة للبنانيين في المدارس الرسمية، ما أبطل قراراً لوزير التربية السابق، أكرم شهيب، العام الماضي. وتطرح شهادات بعض اللبنانيات المتزوجات من أجانب، تساؤلات حول مصير العام الدراسي لأولادهنّ، إذ يؤكّدن لـ"العربي الجديد" أنّه جرى رفض بعض طلبات التسجيل أو وضع بعضها الآخر على لائحة الانتظار، نظراً لانعدام أيّ قرار وزاري، أو أيّ مقعد دراسي، باعتبار الأولوية للتلاميذ اللبنانيين، في حين أنّ أولادهنّ هم في حكم الأجانب.

وفي هذا السياق، تروي لبنانية متزوجة من أجنبي، كيف جالت على 6 مدارس رسمية، من دون قبول أولادها في أيّ منها، علماً أنّهم من الأوائل على صفوفهم، فالجواب واحد: "راجعوا وزارة التربية، أولادك أجانب والمسألة ليست في يدنا". وبعدما تقدّمتُ بشكوى إلى الوزارة، جاءني الرد: انتظري قرار قبول تسجيل الأجانب... فإلى متى عليّ الانتظار؟ هل حتّى امتلاء جميع المقاعد الدراسية؟ هل يريدون تشريدنا في وطننا؟".
وتأسف والدة ثانية "كون المصير التعليمي لأبنائنا يبقى كما في كلّ عام رهن مزاجية ورغبة كلّ وزير جديد، يشطب قراراً وينصّ غيره. اتصلت بالوزارة وأفادوا بأنّ القرار الخاص بأبناء اللبنانيات المتزوجات من أجانب، سيصدر في شهر سبتمبر/أيلول الجاري، فهل يبقى أولادنا على لائحة الانتظار؟ وهل سيبقى لهم مقعد؟ هل تحرمونهم من التعليم بعدما حُرموا من كلّ مقوّمات الحياة في هذا البلد؟".
وتقول: "التعليم حق مكتسب كرّسته الأمم المتحدة والمواثيق الدولية، لكنّ ما نختبره اليوم ظلم وإجحاف بحق المرأة اللبنانية، يُضاف إلى ما نقاسيه من حرماننا حقنا في تمرير الجنسية للزوج والأولاد". وتتساءل: "أين الديموغرافيا في حسابات الزعماء والسياسيين عندما يتزوجون أو يتزوج أبناؤهم من جنسياتٍ أخرى، أو عندما يتزوّج الرجل اللبناني امرأة أجنبية؟". وتقول: "منحت ولديّ الروح والدم والحياة، وعلّمتهما حبّ الوطن، حتّى أنّهما يعرّفان عن نفسيهما بأنّهما لبنانيان ويتناقلان اسم قريتي أينما ذهبا، فهل يُعقل ألا أمرّر لهما جنسيتي؟".
أمّا زوجها فيقول: "حاولتُ تسجيل ولديّ في مدرستين رسميتين، لكنّ الإدارة وضعت اسميهما على لائحة الانتظار بالخط الأحمر، علماً أنّهما من الأوائل والمتفوّقين في المدرسة الخاصّة التي كانا فيها سابقاً". ويضيف: "حجزت المصارف أموالنا، وتوقّفت أشغالنا بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور، وانتشار فيروس كورونا الجديد، فلم أعد قادراً على تسجيلهما في التعليم الخاص، لذلك لجأتُ إلى الرسمي، وكانت المفاجأة". ويتساءل: "أين حق التعليم المكرّس في الدساتير والمواثيق؟ أين حقوق المرأة وأين الإنسانية؟ لقد حُرمنا من الجنسية اللبنانية تحت حججٍ طائفية، علماً أنّني لبناني بالقلب والروح والانتماء، فقد جئت مع أهلي إلى لبنان طفلاً، ونشأتُ وكبرتُ في هذا البلد، ورفضتُ مغادرته عندما عاد أهلي إلى وطنهم، ثم تزوّجتُ وبقيتُ فيه. 57 عاماً وأنا أناضل للعيش هنا". وإذ يشير إلى أنّه غادر لبنان خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وعاد عام 1990، يقول إنّ الجنسية البريطانية أُتيح له نيلها، لكنّه رفضها. ويقول: "تعلّقي بلبنان جلب لي ولزوجتي المتاعب، كما حرم ولديّ من حقوقٍ عدة".
من جهتها، تؤكّد إحدى السيدات أنّ "مديرة المدرسة وعدتها بحجز مقعدين دراسيين لولديها، لكنّها صارحتها بأنّه ما من قرار من الوزير حتى اليوم بأنّه يمكنهما التعلّم في فترة قبل الظهر، كما أنّ دائرة التربية في منطقتها كررت الحديث نفسه: "لا قرار، عليكم الانتظار". تتساءل: "هل ينتظرون تسجيل التلاميذ اللبنانيين جميعاً، ومن بعدها يوزعون لأولادنا ما تبقّى من مقاعد، هذا إن بقي!؟". وتضيف: "زوجي من مواليد لبنان مثل ولدينا، لكنّنا نُعامَل معاملة الأجانب في بلادنا، فنحن عاجزون عن إعادة تسجيلهما في التعليم الخاص، كون راتب زوجي بالكاد يكفينا، وسبق لي التوقف عن العمل لأسبابٍ صحية، كما أنّني لن أقبل أن يتمّ تسجيلهما في دوام بعد الظهر كما يُقال لنا من قبل البعض، فابنتي وابني لبنانيان".

ويبدو أنّ الإدارات المدرسية ضائعة بخصوص هذه القضية، إذ قالت إحدى الأمهات إنّ المدرسة رفضت تسجيل أبنائها الذين كانوا فيها أساساً، بينما قالت أخرى إنّ المدرسة سمحت بتسجيل ابنها وهو تلميذ قديم لديها، بينما رفضت تسجيل ابنتها وهي تلميذة جديدة. بدورها، كشفت حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" المطالبة بحقوق أبناء اللبنانيات المتزوجات من أجانب وأزواجهن، أنّ "وزارة التربية بصدد إصدار قرار خاص يسمح بتسجيل أبناء اللبنانيات في المدارس الرسمية، بعدما بات في مرحلة التوقيع وسيتمّ تعميمه قريباً جداً على المدارس".

المساهمون