الأمور تجري بسرعة، ثورات، مجازر، انهيار أنظمة، سقوط طواغيت، عودة جدد. الواقع يتغير بوتيرة غير مسبوقة أو متوقعة. الأمر يبدو أصعب من أن يُفهم.
هنا قد يمكن الأخذ بعين الاعتبار دور الصحافة والإعلام، سواء أكانت سياسية أو ثقافية، لأن دورها قليلاً ما يتعدى تغطية اليومي والمباشر، وربما بلورة رأي عام تجاه بعض القضايا، أو التحشيد هنا وهناك.
أما الفن والأدب فالأمر مختلف تماماً. لقد تحوّل كثير من الكتاب عن أشغالهم السابقة ودخلوا مجال الصحافة أو السياسة المباشرة، يحدوهم أمل المساهمة في التغيير، وشعور بالمسؤولية.
حاول بعضهم مقاربة الواقع الحالي بأعمال فنية وأدبية، لكن القسم الأكبر منها جاء أقرب إلى التوثيق أو التعبير المباشر، سواء عن حماسة الثورة أو وطأة المأساة.
للأسف، قليلة هي محاولات بلورة تساؤلات معرفية وفنية، حول التعامل مع الأحداث الكبيرة كالتي نعيشها في السنوات الأخيرة. لقد انضم الفنان والكاتب للثورة والحراك (لا نتحدث عن الذين صمتوا أو غرّدوا مع الاستبداد) من دون أن يحاول الإجابة على سؤال جوهري: لماذا ينبغي للفنان أن يكون ملتزماً بقضايا واقعه؟
إن لم نحاول، بين الحين والآخر، إيجاد أجوبة جديدة للسؤال ذاته، وخاصة في التحولات الاجتماعية الكبرى، فهذا دليل على استنقاع فكري وجمالي وإقامة جديدة/ قديمة في فخّ المسلمات الأيديولوجية. مسلّمات لا يبدو أن التسارع المحموم والدامي للأحداث يهزّها.