آلان تورين.. حول إعادة بناء الحداثة

29 اغسطس 2020
آلان تورين، 2012 Getty
+ الخط -

يرى عالم الاجتماع آلان تورين (1925) أن الحداثة القائمة على فكرة العقل مسألة تم التشكيك فيها من قبل مختلف الأطراف، مثلما جرى انتقاد عالميتها المزعومة بسبب عدم تمكن النخبة فيها من التعرف على التجارب الخاصة لمجموعات مثل الطبقة العاملة والمستعمَر والنساء والأطفال. يدرك تورين أن هذا يمثل مشكلة لكنه يرفض قبول التنوع البشري كحل، لأن قبول الاختلاف يعني أيضًا قبول التعصب والصراع. كما أنه يرفض ما بعد الحداثة التي يعتبرها ببساطة استنفادًا لنفس الحداثة.

يقترح تورين إعادة بناء الحداثة؛ بدلاً من الحداثة المزدوجة لرينيه ديكارت وإعلان حقوق الإنسان والمواطن التي يرى أن فريدريك نيتشه وسيغموند فرويد والنزعة الاستهلاكية والقومية قد قضت عليها، يريد تورين أن يبني الحداثة على نضال الفرد من أجل الحرية. وهذا يشمل إرادة الفرد والجماعة للسيطرة على حياتهم، على عكس منطق قوى السوق والسلطة. لذلك ، فإن حداثة تورين تعترف بالحاجة إلى الذاكرة والانتماء والتي تصبح جزءًا من التطابق مع العقل وتحرير الذات.

تورين

وقد كتب تورين نقده للحداثة في عدة كتب ومقالات من بينها "الحداثة المتجددة.. نحو مجتمعات أكثر إنسانية"، الذي نقله المترجم جلال بدلة إلى العربية وصدر مؤخراً عن دار "الساقي"، وجاء فى تقديم الناشر: "الكتاب محاولة لتبيان ما يشكل خاصية الحداثة، أي الإبداعية البشرية أو التاريخ. فما يميز مجتمعنا المعاصر هو التفطّن إلى هذه الخاصية، ما أسفر عن حداثة يدعوها "الحداثة الفائقة" التى وعت شرطها الإبداعي والتاريخي، إضافة إلى ما خلفته من دمار ومجازر جماعية وعرقية. هذا "الوعى التام والمباشر" هو ما يسم مجتمعات الحداثة الفائقة".

يُعتبر تورين من أبرز علماء الجيل الأول الفرنسيين بعد الحرب العالمية الثانية، كان تورين رائدًا في العمل الميداني الاجتماعي في البيئات الصناعية في فرنسا، وتأثر بعلم الاجتماع الصناعي الأمريكي. كان تورين أستاذ علم الاجتماع في جامعة نانتير عندما اندلعت الحركة الطلابية في مايو 1968 في حرمها الجامعي. راقب تورين الحركة على الأرض وكتب أولى الدراسات عنها. 

كتب أولى الدراسات عن الحركة الطلابية عام 1968

شهد عام 1968 انتقالًا في عمله بعيدًا عن العمل والطبقة العاملة باتجاه الحركات الاجتماعية، وبعد ذلك نشر أحد الكتب الأولى التي توضح مفهوم "المجتمع ما بعد الصناعي" في عام 1969، كان اهتمامه الأساسي في معظم حياته المهنية هو الحركات الاجتماعية. درس وكتب بشكل مكثف عن الحركات العمالية في جميع أنحاء العالم وخاصة في أمريكا اللاتينية، التي أصبح له فيها شعبية كبيرة.

من أبرز كتب تورين: "علم الاجتماع والعمل"، "تاريخ الغد الاجتماعي: الطبقات والصراعات والثقافة في المجتمع المبرمج"، و"الإنتاج الذاتي للمجتمع"، و"هل يمكننا العيش معا ؟: المساواة والاختلاف".

 

المساهمون