بعدما قضت نحو 26 عاماً من عمرها فوق أرض آبائها، وجدت سعيدة السكات، نفسها غير مستفيدة من إرث أو بيع هذه الأرض، على غرار والدتها، وآلاف النساء المغربيات.
قصة سعيدة، عنوان لآلاف النساء المغربيات اللاتي يعانين بصمت، مما يطلق عليه "النساء السلاليات" (الجماعات السلالية وهي قبائل بالمغرب يقدر عددها بنحو 4563 قبيلة) اللاتي لا يستفدن من الإرث، بموجب قانون يعود إلى فترة الاستعمار، إذ تعج محاكم المملكة بكم هائل من هذه الملفات الخاصة بالإرث أو البيع.
حكاية سعيدة، بدأت منذ أربع سنوات، عندما بيعت أرض لشركة عقارية بمدينة بوقنادل (شمال)، واستفاد منها الرجال، لكن هذه المرأة ووالدتها والآلاف من النسوة خرجن خاويات الوفاض.
تقول سعيدة، بنبرة تحدٍّ ممزوجة بمعاناة ورثتها عن أمها "لا يمكن التحدث عن حقوق الإنسان والمرأة، ولا تزال النساء ببلدي لا يستفدن من الإرث".
وتضيف "عمري 26 سنة، ترعرعت فوق هذه الأرض التي ورثناها أباً عن جد، وأنا وأمي لا نستفيد من الإرث، ونساء البلدة لا يستفدن أيضًا من الإرث أو في حالة بيع الأراضي".
تستيقظ سعيدة صباحًا، وتساعد أسرتها في أعمال البيت والحقل، لكن عقلها لا يكل عن التفكير في مصيرها ومصير نسوة البلدة، ولسان حالهن الإنصاف في زمن المناصفة.
وتستكمل حديثها "نطالب فقط بالعيش الكريم، والاستفادة من الأرض التي ورثناها عن آبائنا، سنجد أنفسنا مشردين، ولا يعقل أن يستمر الأمر هكذا، على الرغم من الحقوق التي استفادت منها المرأة المغربية مؤخرًا".
اقرأ أيضاً: مطلب المساواة بالإرث يثير جدلاً في المغرب
وتنتقد سعيدة، الأحزاب في بلادها التي لم تتدخل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، مشيرة إلى بيع أرض بلدتها التي تبلغ 350 هكتارًا منذ 2007، واستفاد الرجال منها عام 2011، إلا أن نساء المنطقة لم يستفدن، وتم إقصاؤهن بشكل نهائي، ومن بين 6 آلاف شخص يحق له الاستفادة، توجد 2000 امرأة".
جارة سعيدة، تبلغ من العمر عتياً، وهي مطلقة منذ ثلاثة عقود، لا يحق لها الاستفادة من أرضها، لتستمر معاناتهن في انتظار غد أفضل، متمنية مستقبلاً مغايراً لحفيدتها.
وتعتبر موافقة النواب ضرورية بالنسبة لجميع القرارات المتعلقة بممتلكات القبيلة، سواء تعلق الأمر بالمعاملات، أو قسمة الممتلكات.
وتوزع مدخرات القبائل بعد تهيئة لوائح المستفيدين، والتصديق عليها من مجلس الوصاية (حكومي يضم ممثلين عن بعض الوزارات) طبقًا للقوانين، إلا أن الأعراف والتقاليد بالبلاد، تمنع النساء من الاستفادة، بذريعة بقاء الأراضي في ملكية القبيلة وعدم انتقالها إلى قبيلة أخرى، لأن النساء يمكن لهن أن يتزوجن من رجال القبائل الأخرى.
وتستمر سعيدة في التعريف بقضيتها، وتوعية نساء البلدة، حتى حصولهن على حقهن في الاستفادة من الأرض والإرث.
واعتبر حزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة المغربية أن توصية المساواة في الإرث "تجاوز لمؤسسة إمارة المؤمنين ومنطوق الخطاب الملكي السامي في افتتاح السنة التشريعية لسنة 2003"، مشدداً على أن هذه التوصية "تفتح جدلاً عقيماً حول مواضيع تنظمها نصوص قرآنية قطعية الثبوت والدلالة كموضوع الإرث".
يشار إلى أن الدستور المغربي نص على المساواة بين الرجل والمرأة، إلا أن التقاليد والأعراف لا تزال تحرم المرأة السلالية من الإرث ومن الاستفادة من كراء أو بيع الأرض.
اقرأ أيضاً: فوزية عسولي: نعم للمساواة في الإرث