إسرائيل تخطط لتغيير مسارات تصدير النفط الخليجي... وآسيا قلقة

08 سبتمبر 2020
مائير بن شابات وجاريد كوشنر لدى وصولهما إلى مطار أبوظبي
+ الخط -

تتخوف الدول الآسيوية، خاصة الصين والهند، من تداعيات التطبيع الإماراتي الإسرائيلي على أمن الطاقة ومصالحها التجارية مع إيران في المستقبل. ولدى كل من الهند والصين مصالح تجارية واستثمارات ضخمة في إيران، خاصة على صعيد النفط. 
وتعتمد الدول الآسيوية ذات النمو السريع في تلبية جزء كبير من احتياجات الطاقة، سواء النفط أو الغاز الطبيعي، على الاستيراد من إيران والدول الخليجية.

في هذا الشأن، قال الخبير في العلاقات الاستراتيجية بين آسيا ودول الخليج، البروفسور غاي بيرتون، إن كلاً من نيودلهي وبكين تتخوفان على مصالحهما النفطية في حال استهداف دولتي التطبيع، وهما إسرائيل والإمارات لإيران، كما أن لدى إسرائيل خططاً لتغيير مسارات تصدير النفط الإماراتي والسعودي في المستقبل عبر ميناء عسقلان لتفادي مرور الحاويات النفطية عبر مضيق هرمز، وفقاً لما ذكرته دراسات إسرائيلية سابقة. 
واستثمرت الصين أكثر من 26 مليار دولار في إيران التي تعد من أهم الدول الممدة لها بالنفط. وتحصل الشركات الصينية على صفقات نفطية رخيصة من شركة النفط الإيرانية التي تعاني من تشديد الحظر الأميركي.

كما تعول بكين كذلك على النفط الإيراني والروسي في حال تطور الحرب التجارية المستعرة بينها وبين الولايات المتحدة. على صعيد نيودلهي، فإن الهند تعكف على تطوير ميناء جابهار مع إيران لمنافسة مشروع ميناء غوادر الذي تطوره باكستان.

وتقدر استثمارات الهند في إيران بنحو 20 مليار دولار. ويذكر أن كلاً من الهند والصين رحبتا بحذر بعملية تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل. وكانت الدولتان قد خفضتا حجم صادراتهما من النفط الإيراني بعد انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي وتشديد الحظر على صادرات النفط الإيراني. 

من جانبها، ذكرت نشرة "ستاندرد آند بوورز" الأميركية، أن لدى إسرائيل مصالح كبرى في مناقشة تجارة النفط مع الإمارات لتلبية احتياجاتها من المشتقات البترولية وكذلك ربما مستقبلاً في التسويق الخارجي. وكان الخبير الإسرائيلي جدعون فيثلسون قد تناول في دراسة خطط إسرائيل المستقبلية للاستفادة مالياً من احتياطي النفط العربي وتحديد مساراته وتصديره ونقله. 
وجاء في الدراسة: "إن البترول العربي هو أهم مادة خام موجودة في الشرق الأوسط من حيث الإنتاج اليومي والاحتياطي، وتمثل عملية نقل النفط من الخليج العربي إلى أسواق أوروبا وأميركا الشمالية حجماً كبيراً من سوق النقل، ومن ثم فإن عائد النفط يجب تقسيم فوائده على الدول الموجودة في منطقة الشرق الأوسط". 
وتقترح الدراسة إقامة شبكة من خطوط نقل النفط إلى إيلات، على أن يتم أولا نقل النفط السعودي من رأس تنورة إلى ميناء العقبة/ إيلات، ونقل النفط الإماراتي إلى الخط السعودي عبر ‏خط التابلاين القديم الذي يمر من العراق عبر سورية إلى حيفا، وبالتالي تستفيد إسرائيل من موقعها المطل على البحر الأبيض المتوسط في نقل النفط العربي وتسويقه في أوروبا.

وهي خطة قد ينظر إليها الخليجيون على أساس أنها ستخلصهم من مرور شحنات نفطهم عبر مضيق هرمز، ولكن على الصعيد الآسيوي، تتخوف الدول المستهلكة الكبرى منها لأنها ستعني أن جزءاً مهماً من أمن الطاقة سيكون بيد إسرائيل. 
على الصعيد المحلي، فإن إسرائيل ستستغل عملية التطبيع في استيراد النفط الإماراتي بدلاً من الخام الروسي. ولدى إسرائيل مصفاتان نفطيتان تبلغ طاقتهما 300 ألف برميل يومياً.

وتعتمد إسرائيل في تلبية حاجتها النفطية على الشركات الروسية التي تخضع لسياسات الكرملين التي ربما تتعارض مع المصالح الإسرائيلية، إذ لدى روسيا مصالح في سورية وعلاقات تجارية واتفاقات نفطية واسعة مع إيران. وبالتالي ربما تمكن اتفاقية التطبيع مع الإمارات المصافي الإسرائيلية من الاستغناء تدريجياً عن خام الأورال الروسي. 
في هذا الشأن، قال مصدر بمصفاة نفط إسرائيلية لنشرة "ستاندرد آند بوورز": "إنهم يدرسون استيراد النفط الإماراتي وكذلك المشتقات البترولية". ولدى مصافي الإمارات طاقة تكرير تقدر بمليوني برميل يومياً.

من جانبه، قال مصدر بالحكومة الإسرائيلية لنشرة "ستاندرد آند بوورز": "نعلم أن لدى الإمارات إنتاجا نفطيا يقدر بنحو 3 ملايين برميل يومياً، وإنها تصدر نحو مليوني برميل يومياً، وبالتأكيد سننظر لخيار استيراد النفط الإماراتي".

من جانب الإمارات، قال مصدر في صناعة النفط الإماراتية إن مناقشات على مستوى عال تمت في صناعة النفط الإماراتية حول كيفية تطوير تجارة النفط مع إسرائيل. 

وفي هذا الصدد، ترى نشرة "فورن بوليسي" أن إسرائيل تسعى لتصدير النفط العربي عبر أراضيها لتفادي مرور الحاويات النفطية عبر مضيق هرمز، وذلك عبر إحياء مشروع قديم لخط الأنابيب بين ميناء إيلات وعسقلان.

وفي حال تنفيذ المشروع، فإنه سيكون على حساب قناة السويس التي تعاني حالياً من عدم قدرتها على تمرير الحاويات النفطية الضخمة التي تحمل نحو مليوني برميل. وفي عام 1968، أنشأت الحكومتان الإسرائيلية والإيرانية ما كان يسمى آنذاك شركة خط أنابيب إيلات عسقلان كمشروع مشترك مناصفة بنسبة (50-50) في المائة لإدارة تصدير النفط الخام الإيراني عبر الأراضي الإسرائيلية، ومن ثم عن طريق الناقلات إلى أوروبا.

وكان خط أنابيب النفط الصحراوي، الذي يربط بين ميناء إيلات ومحطة ناقلات النفط بعسقلان مشروعاً سرياً على أيام شاه إيران، أي قبل "الثورة الإسلامية".

وحسب تحليل نشرة "فورن بوليسي"، فإن التطبيع الإسرائيلي الإماراتي سيمنح إسرائيل دوراً أكبر بكثير في تجارة الطاقة في المنطقة وسياسات البترول واستثمارات النفط.

المساهمون