تشتد وتيرة الحملات الانتخابية التونسية في ساعاتها الأخيرة قبل أن تحلّ "ساعة الصفر" يوم الأحد المقبل، التي ستحدد ملامح خارطة المشهد السياسي المُرتقب خلال السنوات الخمس المقبلة. وفي الأيام الأخيرة للحملات، كشفت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النقاب عن خروقات عدة تم رصدها في مختلف محافظات البلاد، ويتعلّق معظمها بتمزيق ملصقات القوائم الانتخابية، ووضع عدد منها في غير الأماكن المخصصة لها، وعدم الحصول على تأشير رسمي لتنظيم الأنشطة الحزبية، إضافة إلى الإشهار السياسي، وبلغت في حالات نادرة العنف والاعتداء على عدد من أعوان الرقابة خلال متابعتهم لمدى احترام قواعد الحملة الانتخابية وضوابطها.
دفع هذا الأمر بوحدة الرقابة التابعة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلى تحرير 1487 محضر تنبيه، وتوجيه 998 تنبيهاً للقوائم الانتخابية المخالفة، وإحالة 19 محضراً إلى النيابة العامة للإبلاغ عن جرائم انتخابية من المنتظر أن يبت فيها القضاء وتترواح عقوبتها بين الغرامات المالية والسجن.
ووصف رئيس الهيئة المركزية للانتخابات شفيق صرصار مهمة مراقبة المسار الانتخابي بـ"الشاقة "، ودعا مختلف الفاعلين السياسيين ومكونات المجتمع المدني إلى دعم جهود الهيئة والأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية، والإبلاغ عن كل التجاوزات، ضماناً لنزاهة الانتخابات وشفافيتها. كذلك اضطر الرباعي الراعي للحوار الوطني، إلى التدخل إثر رصده لهذه المخالفات، والتحاور مع مختلف الأطراف المعنية من أجل إعادة الثقة في المسار الانتخابي.
إلا أن تصريح صرصار الأخير وإقراره بوجود مال سياسي في تمويل الحملات الانتخابية التشريعية وإعلانه الشروع في تتبع المخالفين خلال الحملة وبعدها، أثار ردود فعل مختلفة سواء على مستوى الأحزاب والمراقبين أو على مستوى الشارع التونسي والناخبين.
فلئن كانت ردود الفاعلين وعدد من مكونات المجتمع التونسي تكتسي طابعاً جدياً ممزوجاً ببعض المخاوف التي وصلت إلى حد التشكيك في صدقية الانتخابات التشريعية، وطرح إمكانية تزوير نتائجها، فإن ردود فعل التونسيين تراوحت بين الشعور بالإحباط والتعليقات الساخرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وروح الدعابة والنكتة السياسية التي تميّز الشعب التونسي.
منهم من اتخذ من تصريحات رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي والمرشح لولاية ثانية فرصة للتندر، فقد دعا الرئيس الحالي الناخبين إلى التصدي لظاهرة شراء الأصوات وأجاز لهم في الآن نفسه أخذ المال من الأطراف التي ترشو من دون التصويت لها، وهو فتح المجال لإطلاق دعوات وُضعت عليها عبارات "لأن صوتك يساوي كثير خوذ فلوس الغير"، فضلاً عن إطلاق مبادرات بعنوان "من حقي أن أحاسبك وأسائلك".
وانتشرت الصور الكاريكاتورية، منها ما يجسد ناخباً يُحمل على الأعناق من قبل المرشحين ليدلي بصوته ثم يُدفع بالساق بعد إنهاء مهمته، وأخرى ترافقها تعليقات عن بعض زلات لسان عدد من المرشحين خلال الفيديوهات المخصصة للتعبير المباشر. في المقابل، نشر بعض الناشطين على شبكة الإنترنت عبارة "هل أتاك حديث الثورة؟"، تندّراً على ترشح عدد من رموز النظام السابق وعودتهم إلى المشهد السياسي.
في المقابل تكثفت الدعوات عبر القنوات الوطنية أو شبكات التواصل الاجتماعي إلى المشاركة بكثافة في يوم الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس النواب، الذي سيضم 217 مقعداً يتنافس في الحصول عليها 1327 قائمة انتخابية داخل تونس وخارجها، وذلك خوفاً من احتمال عزوف البعض.