"365 يوماً": تصوير سياحيّ لقصة حبّ ومافيا

22 يونيو 2020
ماغدالينا لامبارسْكا (جون كوبالوفّ/ فيلم ماجيك/ Getty)
+ الخط -
قصّة حبّ تسم فيلماً يروي حكاية مافياوي إيطاليّ وشابّة بولندية. "365 يوماً"، للبولنديين باربارا بيالواس وتوماس ماندِسْ، يسرد تلك الحكاية، التي تبدأ بمتخيّلٍ وتُصبح واقعاً. المافياوي الإيطالي ماسّيمو تورّيتشلّي (ميشال مورّوني) يشهد مقتل أبيه أمام عينيه، ويُصاب بالرصاصة نفسها التي تقتله. المشهد الأول يُحيل إلى عالمٍ من الصفقات المشبوهة، فالموقع الجغرافي يتمثّل بجزيرة لامبيدوزا، والصفقة، التي يرفضها الأب المافياوي الصقليّ، تتعلّق بمهاجراتٍ جميلاتٍ، كما يُقال له. لكن مقتل الأب، وظهور خيال امرأة أمام عينيّ الابن المُصاب، يُؤسّسان مساراً مختلفاً تماماً، سيكون الحبّ منطلقه وسياقه، وسيكون الجنس محطّاته الثابتة.

لا شيء مرتبط بالمافيا وأعمالها وعنفها. هذا مُغيّب، رغم أنّ ماسّيمو مافياوي صقليّ أصيل، وله مستشار ومرافق وحُماة. المسألة برمّتها مرتبطة بالمرأة، بل بعشقه إياها منذ ظهورها خيالاً في وعيه المرتبك. يبحث عنها. يعثر عليها. يخطفها إلى أحد قصوره الفاخرة، ويمنحها 365 يوماً كي "تُغرم" به. الشابّة بولندية، وتُدعى لاورا بيال (آنّا ـ ماريا سياكْلوكا). تعاني اضطراب علاقة بحبيبٍ غير مبالٍ بها. لها صديقة تُدعى أولغا (ماغدالينا لامبارسْكا)، لن تظهر كثيراً، بل في اللحظات الأخيرة، قبيل زفافٍ يُعَدُّ له، من دون أنْ يحصل، لأنّ الإجرام غير رحيم. 114 دقيقة مشغولة بقصة الحبّ تلك، وبامتداداتها الجسدية والانفعالية الصاخبة أحياناً، وبالنزاع المتبادل بين الطرفين، قبل انكسار كلّ حاجز يُعطِّل العلاقة.

الثراء فاحش، فأموال الصفقات المافياوية يصعب نفادها. قصور وحفلات ويخوت وطبيعة خلّابة، ومشتريات كثيرة، وحبّ غير ناضب، وجنس غير منتهٍ. 114 دقيقة تحاول رسم ملامح هذا كلّه بإيقاع سينمائي عاديّ للغاية، مع نهاية ساذجة تبدو كأنّ المخرجِين يتعبان من إكمال سردٍ لا جديد فيه. "365 يوماً" ـ المعروض على شاشة المنصّة الأميركية "نتفليكس" منذ 7 يونيو/ حزيران 2020 (بعد عروضٍ تجارية مختلفة في المملكة المتحدة وبولندا في فبراير/ شباط الفائت) ـ يُلغي كلّ ما له علاقة بعوالم المافيا، كي يُظهر كلّ ما له علاقة بالجانب الانفعالي الرومانسي للمافياوي. والمافياوي ماسّيمو ممثلٌ إيطالي، يُغنّي ويعمل عارض أزياء، بينما الشابّة البولندية لاورا تتجسّد في ممثلة ومغنية بولندية. هذا يطرح سؤالاً: أيكون المقصد الأساسي من تحقيق فيلمٍ بولندي كهذا مبنياً على جمالِ شكلٍ، يجمع الممثلين أحدهما إلى الآخر، كما تُجمَع الشخصيتان إحداهما إلى الأخرى؟

هذا منبثقٌ من ندرة الأداء ووفرة العروض. فالممثلان، لكونهما مُغنّيَين (والممثل عارض أزياء)، تنقصهما تقنية تمثيلٍ لعلّ الإخراج غير مُكترثٍ بها، بقدر اكتراثه بمَشاهد صاخبة بشغف الجسد والحبّ، ومليئة بمناظر طبيعية بديعة، يُحوّلها الفيلم إلى ما يُشبه البطاقات السياحية. أما السيناريو (بالإضافة إلى المخرجين، هناك توماس كليمالا)، فمقتبس من أول رواية في ثلاثية الكاتبة البولندية بلانكا ليبينسْكا، المُشاركة هي أيضاً في كتابته. بينما التصوير (ماتوس سْيارليكا) يبقى أسير السياحيّ، غالباً.
المساهمون