أدت سلسلة الهزائم العسكرية التي منيت بها قوات النظام السوري، في محافظة إدلب وخسارتها مدينتي إدلب وجسر الشغور شمالاً، خلال الأيام القليلة الماضية، والتي سبقتها خسائر كبيرة في ريف درعا الغربي والشرقي والجنوبي، إلى حالة من التخبط الأمني لدى النظام، وغضب إيراني اتجاه دمشق.
اقرأ أيضاً جسر الشغور بيد المعارضة: عين على القرداحة... والمنطقة الآمنة
وترافق ذلك مع حالة تصدّع وانهيار أمني وعسكري لقوات النظام السوري في الجبهات المشتعلة، شمالاً وجنوباً. ويحاول النظام تلطيف سلسلة الانكسارات التي لحقته بعبارات "إعادة الانتشار". وأظهرت الصور والأنباء الصادرة من أرض المعركة القضاء على عناصر من حزب الله اللبناني وبعض المرتزقة في درعا من جنسيات مختلفة تعمل بإشراف خبراء إيرانيين يقودون معارك النظام ضدّ فصائل المعارضة المسلّحة السورية.
وبحسب بعض التسريبات التي حصل عليها "العربي الجديد" من مصادر مطلعة، فإنّ الغضب والحنق الإيراني ينبعان، أساساً، من الفشل الأمني الذريع الذي أصاب العمليات العسكرية لجيش النظام، سواء كان في حالة الهجوم أو الدفاع، بحسب ما ذكرت مصادر مطلعة أمنياً على التنسيق بين النظام السوري والجانب الإيراني.
وأضافت المصادر نفسها أنّه، خلال الفترة الماضية، شعرت القيادة العسكرية لجيش النظام السوري بخطورة الضربات المتتالية في الجبهات المشتعلة، عندما بدأ الحرس الثوري الإيراني سحب وحداته من الجنوب والشمال السوري باتجاه العاصمة دمشق، كخطوة استباقية شعر فيها النظام السوري وحليفه الإيراني، بأن هناك تهديداً جديّاً للعاصمة. وتابع "داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، رعب حقيقي من تكرار سيناريو "عاصفة الحزم" في سورية"، في إشارة إلى عمليات التحالف العربي في اليمن، وإمكانية أن تنتقل في المستقبل القريب إلى دمشق.
وبحسب مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، يرى رجال أمن دمشق أنّ تصدّع الجبهات العسكرية وانهيار المدن بطريقة القضم السريع، هي مؤشرات كارثية لا يمكن إغفالها. وبينت المصادر أن تبادلاً للاتهامات داخل الغرف المغلقة بات يهمس به في قنوات سرّية بين كل من الحرس الثوري الإيراني الذي يتهم قوات الأمن وفسادها بأنه سبب أساسي في خسائر النظام وفشله في الحفاظ على مواقعه، فيما يتهم بعض الأمنيين الحرس الثوري الإيراني بعدم خبرته ومعرفته في الجغرافيا".
وفيما يتعلق بحالة التخبط والاحتقان، التي تعتري الجانب الإيراني من أداء الوحدات القتالية لجيش النظام، يقول مصدر يطلب عدم نشر اسمه، إن "هذا الأمر نابع من حالة الاستعلاء التي يمارسها الحرس الثوري الإيراني على ضباط وجنود النظام". فيما يقاطعه زميل له في جلسة مع "العربي الجديد" بالقول "دعك من كل ما يقال بالإعلام. كل الخطط الأمنية والعسكرية هي بإشراف إيراني بامتياز، ووحدات الحرس الثوري الإيراني هي مركز القيادة والسيطرة الأمنية في دمشق حتى مطار دمشق الدولي. يمكن للمرء ملاحظة الوجود الإيراني فيتم استقبال الرحلات القادمة من طهران والمغادرة إليها بإشراف إيراني بحت لا علاقة لأمن النظام بها"
وفي هذا السياق، يكشف مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، أنّ عملية اعتقال منذر جميل الأسد، ابن عم الرئيس السوري، قبل أسابيع، أشرف عليها الحرس الثوري الإيراني، وهو الذي اكتشف عملية التواصل بين منذر وعمه رفعت الأسد من خلال أجهزة تجسس على الاتصالات يستخدمها الحرس الثوري في سورية، ما تسبب في اعتقاله، وتابع "على الرغم من الإشراف وسيطرة الإيرانيين على المجالين العسكري والأمني، غير أنّ التذمر الإيراني مردّه الانكشاف المستمر للخطط والتسريبات التي تُفشل خطط الحرس الثوري الإيراني". وأضاف المصدر "إذا أجملنا الواقع السياسي للنظام السوري وإخفاقاته الأمنية، فإنه انعكس تذمراً من طهران بعدم قدرتها على تغطية كل هذا الفشل الذي أصاب المؤسستين العسكرية والأمنية طيلة السنوات الأربع الماضية".