في ذلك اليوم، وقبل عام تحديداً، كان ليل الغوطتين، الشرقية والغربية، قاسياً. أقرب إلى "كابوس". لا بل كان كذلك. نام الجميع باستثناء المقاتلين الموزعين على الجبهات. سُمع صوت انفجار كبير. ثم توالت الانفجارات وتعالت صيحات الأطفال خوفاً وهلعاً.
استيقظت أم خالد كأنها في حلم. كانت تجد صعوبة في التنفس. ظنت بداية أنه الخوف. لكن الأمر لم يكن كذلك. سارعت إلى غسل وجهها بمياه باردة، ثم ركضت إلى غرفة خالد للاطمئنان عليه. لم يكن على ما يرام. كان لون جسده يميل إلى الصفرة، وبدأ يتصبب عرقاً. حمله والده إلى المستشفى الميداني في مدينة زملكا القريبة من المنزل. كانت تغص بالمصابين بحالات اختناق، وخصوصاً الأطفال. بدأت تصلهم أنباء عن قصف المدينة بالسلاح الكيماوي. أم خالد كانت تنظر إلى ابنها وهو يختنق تدريجياً جراء استنشاقه غاز السارين السام بكمية كبيرة. كانت عاجزة تماماً.
خالد (14 عاماً) كان من بين 1507 أشخاص قتلوا في تلك الليلة. أما الأم، فبكت ابنها وشقيقها. قضى الغاز عليهما سريعاً. تقول لـ"العربي الجديد"، "ازدحم المستشفى بالمصابين. لم أجد مكاناً لابني. حتى الدواء كان قد نفد. صرنا نضع الماء على صدره للتخفيف من عذابه. لكنه كان يختنق". تصمت قليلاً وتبكي. ثم تلتقط أنفاسها، وتتابع "يبدو أن خالداً استنشق كمية كبيرة من الغاز". أكثر ما يؤلمها أنها كانت عاجزة عن التخفيف من عذاب ابنها. لم تستطع إنقاذه. تمكن الغاز منه.
إلى جانب أم خالد، أمهاتٌ كثيرات كنّ يبكين أولادهن. الأطفالُ أيضاً كانوا يبكون. خلال دقائق قليلة، خسروا عائلاتهم. المشهدُ ليس إلا تجسيداً لموت جماعي. في تلك الليلة، لم تصدق أم خالد أن ولدها قد توفي رغم إجراء التنفس الاصطناعي. صارت تنفخ في فمه "علّه يأخذ روحي ويعود إلى الحياة"، تقول. لكن دون جدوى.
من جهته، يصف معاوية الحمود هذا اليوم، كأنه "يوم القيامة". هو يعيش في مدينة المعضمية، التي سقطت على أحيائها سبعة صواريخ تحوي على غاز السارين السام، مما أدى إلى مقتل خمسة وثمانين شخصاً، إضافة إلى 450 حالة اختناق. يقول "في تلك الليلة، لم نستطع التفريق بين الأموات والأحياء في المستشفيات. كما أن الطاقم الطبي لم يكن قادراً على مداواة جميع المصابين". أما آلاء (12 عاماً)، وهي من مدينة عين ترما، فلا تزال تضع يدها على فمها وأنفها لدى سماعها صوت القذائف. تخشى أن تباغتها الغازات السامة. لا تريد أن تُخلّد في صور المجازر الكثيرة. بحسب رواية الائتلاف الوطني السوري المعارض، فإن قوات من اللواء 155 التابعة للجيش السوري، والمتمركزة في منطقة القلمون، أطلقت ستة عشر صاروخاً نحو مناطق الغوطة الشرقية وبلدة عين ترما ومنطقة الزينية. وبعد دقيقتين، تم إطلاق ثمانية عشر صاروخاً نحو الغوطة الشرقية مجدداً، توزعت بين زملكا وعربين.
وبعد ساعة، سقطت صواريخ أخرى على الجهة الشرقية لمدينة زملكا في ريف دمشق. واستمر إطلاق الصواريخ حتى ساعات الصباح الأولى، وتم استهداف مدينتي المعضمية وداريا في الغوطة الغربية.
وأفاد ناشطون سوريون، عن قصف قوات النظام السوري نحو خمسة عشر موقعاً في مدن وبلدات سورية مختلفة بغاز الكلور، الذي لم يتم تصنيفه ضمن أسلحة النظام الكيماوية. وإضافة إلى الذين قتلوا تلك الليلة، شهدت هذه المناطق ولادة أطفال مشوهين توفوا بعد أيام قليلة. وأرجع الأطباء الأسباب إلى الغازات السامة.
ويرى الحمود، أن العالم "اختار الصمت رغم هول المجزرة، وسمح للنظام بقتل شعبه بشتى الطرق، كالبراميل المتفجرة وصواريخ السكود. لكن الشعب السوري انتظر من الدول التي تنادي بالديمقراطية ومحاكمة المجرم".
استيقظت أم خالد كأنها في حلم. كانت تجد صعوبة في التنفس. ظنت بداية أنه الخوف. لكن الأمر لم يكن كذلك. سارعت إلى غسل وجهها بمياه باردة، ثم ركضت إلى غرفة خالد للاطمئنان عليه. لم يكن على ما يرام. كان لون جسده يميل إلى الصفرة، وبدأ يتصبب عرقاً. حمله والده إلى المستشفى الميداني في مدينة زملكا القريبة من المنزل. كانت تغص بالمصابين بحالات اختناق، وخصوصاً الأطفال. بدأت تصلهم أنباء عن قصف المدينة بالسلاح الكيماوي. أم خالد كانت تنظر إلى ابنها وهو يختنق تدريجياً جراء استنشاقه غاز السارين السام بكمية كبيرة. كانت عاجزة تماماً.
خالد (14 عاماً) كان من بين 1507 أشخاص قتلوا في تلك الليلة. أما الأم، فبكت ابنها وشقيقها. قضى الغاز عليهما سريعاً. تقول لـ"العربي الجديد"، "ازدحم المستشفى بالمصابين. لم أجد مكاناً لابني. حتى الدواء كان قد نفد. صرنا نضع الماء على صدره للتخفيف من عذابه. لكنه كان يختنق". تصمت قليلاً وتبكي. ثم تلتقط أنفاسها، وتتابع "يبدو أن خالداً استنشق كمية كبيرة من الغاز". أكثر ما يؤلمها أنها كانت عاجزة عن التخفيف من عذاب ابنها. لم تستطع إنقاذه. تمكن الغاز منه.
إلى جانب أم خالد، أمهاتٌ كثيرات كنّ يبكين أولادهن. الأطفالُ أيضاً كانوا يبكون. خلال دقائق قليلة، خسروا عائلاتهم. المشهدُ ليس إلا تجسيداً لموت جماعي. في تلك الليلة، لم تصدق أم خالد أن ولدها قد توفي رغم إجراء التنفس الاصطناعي. صارت تنفخ في فمه "علّه يأخذ روحي ويعود إلى الحياة"، تقول. لكن دون جدوى.
وبعد ساعة، سقطت صواريخ أخرى على الجهة الشرقية لمدينة زملكا في ريف دمشق. واستمر إطلاق الصواريخ حتى ساعات الصباح الأولى، وتم استهداف مدينتي المعضمية وداريا في الغوطة الغربية.
وأفاد ناشطون سوريون، عن قصف قوات النظام السوري نحو خمسة عشر موقعاً في مدن وبلدات سورية مختلفة بغاز الكلور، الذي لم يتم تصنيفه ضمن أسلحة النظام الكيماوية. وإضافة إلى الذين قتلوا تلك الليلة، شهدت هذه المناطق ولادة أطفال مشوهين توفوا بعد أيام قليلة. وأرجع الأطباء الأسباب إلى الغازات السامة.
ويرى الحمود، أن العالم "اختار الصمت رغم هول المجزرة، وسمح للنظام بقتل شعبه بشتى الطرق، كالبراميل المتفجرة وصواريخ السكود. لكن الشعب السوري انتظر من الدول التي تنادي بالديمقراطية ومحاكمة المجرم".