تأسس "متحف نابو" في منطقة "الهرّي" شمال لبنان عام 2018، وهو من تصميم الفنانيْن العراقيين ضياء العزاوي ومحمود العبيدي وتطوع للعمل فيه فنانون سوريون ولبنانيون. وكما يقول أحد مؤسّسي المتحف جواد عدرا فإنه التقى في المهجر بالفنانيْن العزاوي والعبيدي، وهذا يحمل معاني كثيرة لها علاقة بالحل والترحال والمنفى والوطن، من هنا جاءت فكرة "نابو" ليقدم مكاناً مشتركاً يحمل أعمال فناني المنطقة التي تقدم واقعهم وألمهم وتاريخهم المشترك، وفي ضوء ذلك تعيد قراءة الراهن من خلال الفن.
من هذا المنطلق، ينظم حالياً "نابو" ، الذي يحمل اسم إله الحكمة والكتابة في بلاد ما بين النهرين، معرض "يأس وأمل: عندما يتبصر الفن الحرب والتاريخ"؛ ويضم أعمال فنانين من لبنان والعراق وفلسطين وسورية، ويستمر حتى نهاية أيلول/ سبتمبر المقبل.
تتوزع أعمال المعرض تحت عدة عناوين فرعية؛ منها "ما هي علّتنا وإلى أين؟"، و"الثوار بحاجة إلى ثورة"، و"شعارات الحرب ومآسيها"، كما تعرض بين الأعمال معلومات تاريخية عن وعد بلفور، واتفاقية سايكس بيكو، والحرب الأهلية في لبنان، فنقرأ مثلاً: "أهم المعابر في بيروت: الخط الأخضر وسمي بذلك لأن الأعشاب نبتت عليه وهو الحد الفاصل بين بيروت الغربية والشرقية".
الموضوع العام للمعرض ليس الحرب الأهلية اللبنانية رغم حضورها الطاغي في الأعمال، ولكن الموضوع هو كيف عبّر الفنان في المشرق العربي عما حدث في المنطقة من حروب وصراعات خارجية وداخلية.
في الأعمال لوحات وصور وملصقات وكولاج ومنحوتات، ومن أبرز المشاركين النحاتة جنان مكي باشو التي قدّمت تركيباتها ومنحوتاتها فظائع داعش في العراق وسورية، وألفريد طرزي الذي يطبع تاريخ لبنان على خلفيات الليرة اللبنانية ليتحدث عن تاريخه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
في حين يقدم الفنان عبودي أبو جودة تجسيداً لمجموعة من ملصقات الحرب الأهلية وشعارات الأحزاب المتناحرة. أما الفنان العراقي ضياء العزاوي فيقدم لوحتين، الأولى "رغبات مضمرة" وموضوعها دويلات الطوائف، والثانية بعنوان "صعود الشهداء" وهي عن العلماء والمثقفين العراقيين الذين جرى اغتيالهم.
كما يشارك الفنان السوري أحمد المعلا الذي تتناول أعماله الحرب في سورية بعملين هما "تشجعوا وقولوا إنا خائفون"، و"ما الحرب إلا ما علمتم وذقتم"، وكذلك تحضر الفلسطينية ليلى الشوا بعمل عن مجزرة الشجاعية في غزة.
الفنان العراقي محمود العبيدي يشارك بعملين هما "القطار" وفيه يجسد ألم السكان الأصليين في أميركا مستعيراً القطار الذي قطع فيه الغزاة البيض أرضهم كرمز، أما عمل "الفقاعة" فيجسد الاتفاقيات والوعود الوهمية التي قدمها الإنسان الأبيض لهؤلاء السكان.
القائمون على المعرض يصدرونه بسؤال "ما هي علّتنا... وإلى أين؟"، ليجيب عليه "مع تفاقم المشاكل الاجتماعية والديموغرافيّة والاقتصادية، أضحى العالم العربي على مفترق طرق. ويأتي هذا المعرض ليُذكّرنا بالماضي والواقع الأليمين ويفتح باب النقاش حول انفجار المجتمعات الطائفيّة نتيجة الصراعات الداخلية والتدخُّل الأجنبي وطرق التعبير في لبنان وسورية والعراق وفلسطين".