"ونتر وندرلاند": موعد سنوي مع العجائب في لندن

17 ديسمبر 2017
نشاطات متنوعة في مدينة العجائب (أولي سكراف/Getty)
+ الخط -
تتحول العاصمة البريطانية لندن في فترة أعياد الميلاد إلى مدينة عجائب. من يتجول فيها يتخيل أنه بصحبة "أليس في بلاد العجائب"، وهي تنقله من مشهد إلى آخر في مدينة متلألئة بـ"روح الكريسماس"، لترسو به في عالم العجائب الشتوي "ونتر وندرلاند" الذي أصبح موعداً سنوياً يرسم على مدينة الضباب الرمادية وحديقتها هايد بارك الخضراء ألوان قوس قزح.
احتفال شتوي كبير، متنوع الأنشطة ومجاني الدخول، تنطلق فعالياته سنوياً مع بدء العد التنازلي لاحتفالات الميلاد ورأس السنة، كنوع من التحدي للجو القارس الذي يعصف بالمدينة والبلد برمته، ليحفز أهل لندن على التغلب على سوء المزاج والكآبة اللذين يصحبان رداءة طقس الموسم.
افتتح هذا الحفل الضخم عام 2007، ليستقطب منذ ذلك الحين الملايين من أهل المدينة وزوارها، ولايزال العدد في تزايد عاماً بعد عام. يصطف الزوار في طوابير طويلة وسط البرد القارس وتحت مظلات تحميهم من رذاذ المطر لساعات على مداخل بوابات المتنزه في انتظار الدخول والاستمتاع بعجائب هذه الملاهي الشتوية التي لا تُفرِق بين البالغ والطفل، حيث تخلى الكل فيها عن جدية الحياة ليتحولوا لأطفال يلهون ويقفزون من لعبة إلى أخرى ومن تحد إلى آخر.
لا تقتصر النشاطات في "ونتر وندرلاند" على الألعاب، فالمدينة الممتدة على مساحة شاسعة في هايد بارك تحتوي مئات المتاجر والمطاعم والحانات التي تخولك قضاء النهار كاملاً فيها بدون الحاجة إلى الخروج. ولعل أكثر هذه الأماكن شهرة هو القرية البافارية، نسبة إلى بافاريا الألمانية، والتي تنقل أجواء "أكتوبر فيست" الذي يقام سنوياً في ميونخ إلى لندن، وخصوصاً أن القائمين على مدينة الملاهي يتحدرون من بافاريا، وينقلون منها سنوياً العتاد لتركيبه في لندن.



على أحد مداخل مدينة الملاهي، ينضم جون بريتل، بائع الآيس كريم، إلى عشرات العربات التي تعرض مأكولات الأعياد والمشروبات الساخنة والوجبات الخفيفة، ويقول لـ "العربي الجديد": "إنها أول مرة منذ سنوات أشارك في سوق طعام شتوية، فرغم انخفاض درجات الحرارة هذه الأيام فإنها تبقى معتدلة للغاية بالنسبة لفصل الشتاء، ما يشجع الزوار على أكل البوظة وهم يلبسون قفازاتهم وأوشحتهم الساخنة".
وبالابتعاد قليلاً عن البوابة إلى مكان آخر وسط الزحام والبهجة، تعلو ضحكات وصرخات فرح وخوف يطلقها راكبو عجلة عالم العجائب الشتوي الدوارة المضاءة والتي يبلغ علوها نحو 60 متراً، وتوفر لهم مشاهد مثيرة لأضواء لندن الليلية كما أنها أيضا تهوي بهم بسرعة البرق، يحس المسافر فيها وكأن فؤاده ظل في الأعلى بينما جسده يهوي إلى الأسفل وسط شعور ممزوج بالإثارة والرعب.
السائحة السعودية فاطمة العتيبي تحدثت عن تجربتها لـ"العربي الجديد"، قائلة "أنا من جدة وهذه ثاني مرة أزور فيها هذا المكان الرائع الأشبه بعالم الخيال، آتي إلى هنا مع عائلتي حيث نقضي يوما ممتعا بالرغم من الازدحام والبرد، لكن التجربة تستحق العناء، الكل هنا سعيد ومبتهج".
وعن الألعاب، تقول فاطمة: "أنا شخصيا أحب لعبة السيارات السريعة إلا أنني ركبتها مرة واحدة فقط ولا أعتقد أنني سأعيد التجربة مرة ثانية، لكن ابنتي وهي في الرابعة عشرة من العمر، جربت وبكل شجاعة لعبة الهبوط السريع وعن علو 100 متر، أوشك قلبي أن يتوقف لمجرد مشاهدة قاطرتها تهوي بسرعة فظيعة، والغريب أنها لم تتذمر بل جربت لعبة عجلة الموت وألعاباً أخرى".



دائماً يرتبط فصل الشتاء، بالصقيع والأمطار، والسيول، والذكريات الموجعة والحنين وغيره، إلا أن هذا المكان استطاع أن يحول فصل الشتاء لفصل مميز بأجواء احتفالية من طراز خاص. وجديده هذا العام هو مملكة الجليد، وهي موطن لحوريات البحر والآلهة والمخلوقات البحرية المنحوتة من الجليد والتجول بداخلها ممتع رغم برودة المكان، مرورا بساحة التزلج على الجليد في الهواء الطلق التي تعتبر الكبرى في بريطانيا والتي يتوافد عليها الزوار بكثافة. إلى جانبها يوجد سيرك خاص يقدم عروضا مميزة وفكاهية، ولعل أهم هذه الألعاب سفينة القراصنة المخيفة وما جعلها مهمة هذا العام نشر إحدى الصحف البريطانية صورا لنجم كرة القدم الإنكليزي "ديفيد بيكهام مع أطفاله في مدينة الملاهي وهو يعتلي مع ابنه وابنته ذات الـ 6 سنوات سفينة القراصنة.
عالم الشتاء الخرافي هذا يحتوي على الكثير من الألعاب الموجهة للصغار، وعلى أخرى للكبار، ويتوجب الاشتراك فيها عن طريق شراء عملات خاصة من الموقع للاستخدام في كل الألعاب والمشاركة في الأنشطة أو مشاهدة العروض. إلى جانب، كل هذا الترفيه يمكن للزائر شراء الهدايا والمشغولات اليدوية من السوق الملحقة بمدينة الملاهي، إلى جانب المأكولات الشهية المتنوعة من مختلف أنحاء العالم والشراب من منافذ متعددة في الحديقة.
لا شك أن هذه الفعاليات الرائعة والمرهقة والأضواء الدافئة المبتكرة لها مذاق مختلف ومتعة حقيقية تخفف من شدة برودة طقس لندن التي لا تثنيها عن أن تكون مدينة العجائب.



المساهمون