شهدت الأسابيع القليلة الماضية نشاطاً لخلايا تنظيم "ولاية سيناء" الذي بايع "داعش" في مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء المصرية، في مقابل هدوء نسبي في رفح والشيخ زويد في المحافظة نفسها. وبحسب مراقبين للشأن السيناوي، فإن هذا الهدوء الحذر الذي تعيشه المدينتان اللتان شهدتا مئات الاعتداءات على قوات الأمن المصرية، لم تعش مثله منذ أشهر طويلة، ما يطرح علامات استفهام عن أسباب ذلك، واستراتيجية التنظيم الجديدة في التعامل مع ساحة سيناء. وعلى عكس المتوقع بأن تشهد سيناء سيناريو رمضان عام 2015، بمحاولة التنظيم السيطرة على مناطق واسعة من شمال سيناء، في ظل خفوت نشاطه، والذي فهم على أنه تحضيرٌ لهجوم واسع، إلا أن الشهر انقضى، من دون هجمات تذكر.
وبحسب مصادر قبلية مطلعة تحدثت لـ"العربي الجديد" فإن "التنظيم بات يركز على الأمن الاستخباراتي أكثر من العسكري، نظراً لحالة القرب الجغرافي بل الالتحام بين قبيلة الترابين ومواقع ولاية سيناء ونقاط تمركزه في أغلب مناطق جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد، وهذا ما انعكس سلباً على تحركات التنظيم بعد المواجهة التي اندلعت منذ إبريل المنصرم".
وأوضحت المصادر ذاتها أن "شهر رمضان كان يعتبر موسماً لنشاط القتال لدى ولاية سيناء منذ سنوات، إلا أن هذا العام كان ملاحظاً للجميع قلة نشاط التنظيم، واقتصاره على هجمات محدودة في العريش، بينما ساد الهدوء أرجاء بقية مناطق شمال ووسط سيناء".
وأعاد بعض المراقبين حالة الهدوء إلى "الإرباك الذي يسود داعش في العراق وسورية على إثر التطورات الميدانية الأخيرة، في مدينتي الرقة والموصل، والحديث الروسي عن تصفية زعيم داعش أبو بكر البغدادي في غارة جوية قبل أيام". وإضافةً إلى ما سبق، فإن الخسائر البشرية التي مني بها "ولاية سيناء" في مواجهته مع مجموعات قبيلة الترابين، والتي على قلتها إلا أنها كبيرة مقارنةً بخسائره في مواجهة الجيش المصري، والذي يعتمد في غالبية هجماته على الكر والفر، والضرب عن بعد، من دون أي خسائر بشرية، قد تكون أحدثت نوعاً من التوجه لإعادة ترتيب الصفوف.
بدورها، باتت الحملات العسكرية للجيش ضد قرى جنوب رفح والشيخ زويد، وبقية المناطق، شبه مختفية منذ أسابيع، وكأنها تهدئة ضمنية من قبل الطرفين، كون الحملات تتصاعد، بالإضافة للقصف الجوي في حال تعرض قوات الجيش لهجمات من قبل التنظيم.
ويجني المواطن السيناوي ثمار هذا الهدوء بسبب دفعه فاتورتها منذ أربع سنوات بقائمة لا تنتهي من القتلى والجرحى والمعتقلين والمفقودين والمختفين قسراً، عدا عن خسائر مادية لا يمكن حصرها، ولا أحد يعوّضها. وتبقى الأيام المقبلة كفيلة بإظهار ما يخفيه الهدوء الغريب من كافة النواحي في ساحة سيناء، والتي اعتادت على نشاط المواجهة بين التنظيم وقوات الأمن منذ سنوات، عقب الانقلاب العسكري صيف 2013. وتعيش مناطق شمال ووسط سيناء أوضاعاً أمنية متدهورة منذ 4 سنوات، خسر خلالها الجيش المصري مئات الجنود، وسقط آلاف المدنيين بين قتيل وجريح ومعتقل، فيما تقطن في سيناء عدة قبائل كبيرة العدد، أهمها الترابين والرميلات والسواركة وغيرها.