تعود الأطماع الأوروبية في المغرب إلى نهاية القرن الخامس عشر، مع اشتداد التنافس بين البرتغال وإسبانيا حيث قامت الأخيرة بالهجوم على السواحل المغربية الجنوبية، لكنها لم تتمكن من بسط سيطرتها واقتصرت على التحكّم في بعض الموانئ التجارية حتى منتصف القرن التاسع عشر.
بعد ذلك، أخذ الصراع يتوسّع بين القوى الاستعمارية مع دخول فرنسا وبريطانيا وألمانيا في محاولات عديدة انتهت بخضوع السلطان عبد الحفيظ بتوقيعه اتفاقية الحماية التي تجيز للفرنسيين احتلال البلاد عام 1912، في الوقت الذي كانت فيه الجيوش الإسبانية تُحكم قبضتها على مناطق الريف والجنوب.
تُعقد عند السادسة والنصف من مساء غدٍ الثلاثاء في "معهد ثربانتيس" في الرباط مائدة مستديرة تحت عنوان "وقائع تاريخ استعمار المغرب"، ويتحدّث خلالها كلّ من أستاذ الأنثربولوجيا والباحث الإسباني خوسيه أنطونيو غونزاليس ألكانتود، والكاتب المغربي رشيد رضا ميمون.
تضيء الندوة على "تاريخ وقوع المغرب تحت الاستعمار بين عاميْ 1894 مع رحيل السلطان الحسن الأول بن محمد و1961 تاريخ رحيل الملك محمد الخامس، وفقاً لتحرّكات القوى الدولية، وكيف أطبق الجهاز الاستعمار حينها على المغرب، عبر اعتماده على المؤامرات داخل القصر الملكي، وقبل كلّ شيء كان موضوع التدخّل الاقتصادي وهو الأكثر حساسية ضمن عملية ما سميّت "تحديث" المغرب"، بحسب بيان المنظّمين.
يدرس ألكانتود في كتاب يحمل عنوان المحاضرة نفسه، رؤية الاستعمار في ما سمّي بـ"الحكم غير المباشر" عبر الإبقاء على جهاز الدولة وموظفيه، كما يستعرض الدسائس والمكائد التي كانت تدار في القصر الملكي، وكيف سيطر المستعمر على ثروات البلاد واقتصادها، بالاعتماد على التسلسل الزمني للأحداث الرئيسية الداخلية والإقليمية والدولية.
ويتناول التغيّرات التي طرأت على نظام الحكم والإدارة وخاصة ما يتصل بآليات النظام المالي وجباية الضرائب وأنظمة الرقابة عليها وإدارة الجهاز التعليمي والتربوي والنظام القضائي، وكذلك بحث التحوّلات في أنظمة التشريعات والبنى التحتية.
أما ميمون، فيقدّم مداخلة حول الكتاب مستعرضاً محطّات أساسية في تلك الفترة ودور النخبة المغربية وردود فعلها تجاه مسار الأحداث، والتي مهّدت إلى تحرير البلاد عام 1956 بعد نحو عقدين من إعلان الحركة الوطنية وثيقة الاستقلال.