كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أنّ الحكومة التركية كانت تخطط منذ سنة لإرسال قوات عسكرية إلى سورية، قبل القيام بذلك خلال هذا الأسبوع، إلا أنّ تدخلها تأخر بفعل معارضة عدد من القادة العسكريين الذين شاركوا بمحاولة الانقلاب الفاشلة منتصف تموز/يوليو الماضي.
ونقلت الصحيفة، في تقرير اليوم الجمعة، عن مسؤول تركي رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ التخطيط للهجوم الذي بدأته تركيا، الأربعاء الماضي، ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مدينة جرابلس السورية، كان بدأ في يونيو/حزيران عام 2015، إلا أنّ تنفيذه قوبل بمعارضة الجيش التركي.
ويقول المسؤول للصحيفة إنّ "عدداً محدّداً من القادة العسكريين عملوا بجهد على تعطيل خطط تركيا لمحاربة داعش"، مشيراً إلى أنّهم "تذّرعوا مراراً وتكراراً بعدّة حجج، مثل نقص الإمكانات العسكرية، للحؤول ضد أي خطوة من قبل الحكومة للمضي قدماً".
وتبّين، بحسب تصريحات المسؤول، أنّ عدداً من القادة من "أشد المعارضين" للتدخل العسكري قد لعبوا دوراً في محاولة الانقلاب الفاشلة. ومن بين هؤلاء، كما يقول المسؤول، قائد القوات الخاصة التركية سميح تيرزي الذي قاد هجوماً في العاصمة أنقرة، ليلة محاولة الانقلاب الجمعة 15 تموز/يوليو الماضي، محاولاً السيطرة على مقر القوات الخاصة، إلا أنّه قُتل بالرصاص خلال المعارك للسيطرة على المبنى.
وقد تمكّنت القوات الخاصة التركية، تحت قيادة جديدة (الجنرال زكائي أكسكالي)، من تقديم الدعم لخطوة تركيا باتجاه سورية، بما في ذلك من دبابات وطائرات، حيث انتهت العملية بسيطرة الثوار السوريين والقوات التركية على جرابلس من يد "داعش"، ومن دون مقاومة من التنظيم، في غضون ساعات، في أول خطوة عسكرية واضحة من أنقرة نحو سورية، منذ بدء الأحداث قبل خمس سنوات.
وتشير الصحيفة، في الوقت عينه، إلى أنّ أحد أسباب تردد تركيا حول التدخّل في سورية، يعود إلى الخلاف مع روسيا بعد حادثة إسقاط المقاتلة الروسية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والذي أجبر تركيا على تعليق طلعاتها الجوية فوق سورية، خوفاً من أي انتقام روسي.
لكنّ الصحيفة، تشير إلى عدة متغيرات دفعت أنقرة إلى خطوتها الأخيرة نحو جرابلس، ومنها ما يعود إلى الضعف الواضح الذي بات يعانيه داعش جراء فقدانه السيطرة على مساحة واسعة من الأراضي في سورية والعراق.
كما تشير إلى أنّ العزم التركي على التدخل في سورية، تعزّز أخيراً بفعل قلق أنقرة من توسع طموحات الأكراد، لاسيما بعد استفادتهم من الدعم الذي تلقوه من القوات الأميركية لقتال داعش، وتعزيز سيطرتهم على المنطقة الكردية الناشئة حديثاً في شمال سورية.
وترى الصحيفة أنّ الأنظار تتوجه الآن نحو منبج، على بعد 25 ميلاً من جرابلس، التي سيطرت عليها خلال هذا الأسبوع "قوات سورية الديمقراطية"، بعد معارك استمرت أسابيع. فسيطرة هذه القوات على المدينة، بحسب الصحيفة، يعني إنشاء موطئ قدم للأكراد على الضفة الغربية لنهر الفرات، في إطار سعيهم لتنفيذ خطة معلنة لربط المناطق التي يسيطرون عليها في شرق سورية مع الجيوب الكردية الصغيرة في غربها.
وأي خطوة كهذه من قبل الأكراد، بحسب الصحيفة، هو أمر يخشاه المسؤولون الأتراك وأعلنوا مراراً أنهم سيحولون دون تنفيذه، خصوصاً أنهم يرفضون أي كيان كردي على حدودهم مع سورية كونه سيعزز مطامح الأكراد في تركيا في إعلان الانفصال.
وتشير الصحيفة إلى أنّ الأكراد السوريين أعلنوا انسحابهم من منبج، وهو مطلب تركي أساسي، منفذين وعدهم لداعميهم الأميركيين بعد السيطرة على المدينة، لكنها تنقل عن المتحدث باسم قوات سورية الديمقراطية سيرفان درويش قوله "إننا سنبقى في المدينة".