بعدما تحوّل تطبيق "واتساب" إلى أكثر الوسائل استخداماً بين النواب والمسؤولين العراقيين، وما ترتب على ذلك من مشاكل كثيرة، كشف مسؤول عراقي لـ"العربي الجديد"، أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وجّهت الوزراء والمسؤولين في الحكومة بعدم اعتماد "واتساب" أو أي تطبيقات تواصل أخرى على الهواتف الذكية، في توجيه أو إصدار الأوامر والتبليغات، أو تداول المعلومات والوثائق الرسمية، وذلك بسبب المشاكل التي ترتبت على ذلك في الفترة الماضية، وألزمت الأمانة العامة باعتماد المخاطبات الرسمية والبريد الإلكتروني، كوسيلة تبليغ رسمية، في وقت ما زالت فيه مجموعات "واتساب" هي الأكثر فاعلية داخل البرلمان العراقي، وتنقسم إلى مجموعات عامة تضم كل النواب، وأخرى خاصة لأعضاء الكتلة الواحدة. ولا تخلو هذه المجموعات من تسريبات بين حين وآخر لحديث النواب، الأمر الذي تسبّب في مرات عديدة بأزمات سياسية بين كتل وأخرى، كما في تسريب أظهر حديثاً لنواب في كتلة "صادقون" البرلمانية يسخر من زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، وأخرى تسريبات لنواب يتحدثون عن استكمال حكومة عادل عبد المهدي وضرورة الانسحاب لكسر النصاب، وأخرى حول اتفاق مبيّت لعدم التصويت على أحد القوانين المقدّمة في جلسة برلمانية ضمن الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب.
وبحسب أعضاء في البرلمان العراقي، فإن الكثير من الأعمال البرلمانية والمهام المختلفة والاتفاقات على التصويت وتمرير المشاريع والقرارات تتم عبر "واتساب". وقال أحد أعضاء البرلمان عن تحالف "البناء" في بغداد، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنه يشترك في أكثر من 20 مجموعة على تطبيق "واتساب"، وفي بعض الأيام يستيقظ ليجد مئات الرسائل في التطبيق من مختلف تلك المجموعات ضمن محادثات وحوارات مختلفة لنواب وسياسيين ومسؤولين وحتى ناشطين وإعلاميين يشتركون فيها، "لكن أكثرها حساسية هي مجموعة نواب كتلته ومجموعة أخرى لمسؤولين يتبعون كتلته في حكومة عبد المهدي".
ولم ينفِ النائب أن بعض تلك المجموعات مخصصة للتسريبات أو الاتفاق ضد كتل أخرى أو مسؤولين آخرين. ووصف حال تلك المجموعات بالقول إنها "زاخرة بالأخطاء الإملائية والمزاح والمعلومات"، وفي بعض الأحيان تُستخدم في تنظيم "حملات"، إذ يتم الاتفاق على التركيز على ملف أو موضوع معيّن أو حتى شخصية ما، والتوافق على التصويت من عدمه في مشاريع القوانين داخل البرلمان. واعترف بأن هناك مجموعات مخصصة أخرى تتم فيها إضافة صحافيين عراقيين لغرض تسريب معلومات لهم لإخراجها بطريقة غير مباشرة، أو منحهم أفكاراً أو لفت انتباههم على مواضيع من خلال المناقشة بين النواب والسياسيين.
من جهته، قال النائب عن تيار "الحكمة"، حسن فدعم، لـ"العربي الجديد"، إن النواب كغيرهم، يستفيدون من مواقع التواصل والتطبيقات، لإيصال التبليغات والتوجيهات والاتفاق على برامج كثيرة، موضحاً أنه "في مجلس النواب لدينا مجموعات على "واتساب"، لكل أعضاء مجلس النواب ومعنا الرئيس أيضاً، ولدينا مجموعة أخرى لوزراء ونواب، وهذا يسهّل إيصال الفكرة والمعلومة وبالتالي يساهم في بلورة الأفكار واتخاذ القرارات الصحيحة". وأوضح أن "هناك مجموعات رسمية أيضاً، وإلى حد الآن لم تحدث لدينا أي مشكلة أو أي تسريبات من خلال محادثاتنا، ولربما حدثت مع أطراف أخرى"، مضيفاً "غير صحيح القول إن العملية السياسية اليوم تدار من خلال السوشيال ميديا وواتساب، لكنها طريقة سريعة للتواصل بين الأقطاب السياسية عن طريق الاتصال المباشر لا أكثر".
أما عضو البرلمان عن الحزب الشيوعي، هيفاء الأمين، فقالت لـ"العربي الجديد"، إن وسائل التواصل الحديثة ومنها "واتساب" تسهّل العمل كثيراً بإرسال التبليغات المختلفة والتواصل حول مختلف المواضيع، وهذا الأمر ينطبق على كل وسائل التواصل الأخرى، مضيفة أنها "طريقة حديثة وحضارية يجب أن نعتمدها، بينما الجانب السلبي فهو عند استخدام هذه الوسائل ضد المتحدث أو ضد المتكلم باقتباس الرسائل وإخراجها خارج نطاق المجموعة المختصة، فهذا يعكس عدم الثقة وعدم الأمانة ويعتبر جانباً غير أخلاقي". وتابعت: "نلاحظ اليوم أكثر المشاكل التي تحدث هي بسبب هذه التسريبات مثل أخذ صورة عن محادثة واتساب أو ما شابه ذلك، وسبب ذلك ردود فعل من كثيرين غادروا هذه المجموعات لحماية أنفسهم".
وفي السياق نفسه، أكد الصحافي في البرلمان، أنمار الشمري، لـ"العربي الجديد"، أن الكثير من التسريبات والمعلومات التي سُربت من مجموعات "واتساب" حوت كتباً ووثائق رسمية وأوامر قبل أن تصدر أو تُوقّع أصلاً، لافتاً إلى أن ذلك أضعف كثيراً من سرية الحكومة وعملها.